رواه أحمد (١/ ٣٩٩ و ٤٥١)، ومسلم (٩١)، وأبو داود (٤٠٩١)، والترمذي (١٩٩٩)، وابن ماجه (٥٩).
ــ
وقال الأصمعيُّ: البَطَرُ: الحَيرة، أي: يتحيَّرُ عند الحقِّ؛ فلا يراه حَقًّا. وغَمطُ النَّاسِ: احتقارُهُم واستصغارهم؛ لما يرى مِن رِفعته عليهم، وهو بالغين المعجمة والطاء المهملة. ويُروَى: غَمص بالصاد المهملة في كتاب الترمذي، ومعناهما واحد؛ يقال: غَمَطَ الناسَ وغَمَصَهُم: إذا احتقرهم. والمِثقَالُ: مِفعالٌ من الثِّقَلِ، ومِثقالُ الشيء: وزنه، يقال: هذا على مِثقَالِ هذا، أي: على وزنه.
والمرادُ بالإيمان في هذا الحديث: التصديقُ القلبيُّ المذكورُ في حديث جبريل، ويُستفادُ منه: أنَّ التصديق القلبيَّ على مراتب، ويزيدُ وينقصُ؛ على ما يأتي في حديث الشفاعة، إن شاء الله تعالى.
وهذه النارُ المذكورةُ هنا: هي النارُ المُعَدَّةُ للكفَّارِ التي لا يُخرَجُ منها مَن دخلها؛ لأنَّه قد جاء في أحاديثِ الشفاعةِ المذكورةِ بعد هذا أنَّ خَلقًا كثيرًا ممَّن في قلبه ذَرَّاتٌ كثيرةٌ من الإيمانِ يدخلون النار، ثُمَّ يُخرَجون منها بالشفاعة أو بالقَبضة (١)؛ على ما يأتي، ووجهُ التلفيق: أنَّ النارَ دَرَكَاتٌ؛ كما قال الله تعالى: إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ وأهلُهَا في العذاب على مراتبَ ودَرَكاتٍ؛ كما قال الله تعالى: أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ، وأنَّ نارَ مَن يعذَّبُ من الموحِّدين أخفُّها عذابًا، وأقرَبُهَا خروجًا؛ فمَن أُدخِلَ النارَ من الموحِّدين، لم يُدخَل نار الكفَّار، بل نارًا أخرى يموتون فيها، ثُمَّ يُخرَجون منها؛ كما جاء في الأحاديث الصحيحة الآتية بعد هذا، إن شاء الله تعالى.
(١) إشارة إلى ما جاء في حديث مسلم برقم (١٨٣) فانظره إن شئت.