الوكاء، والعِفاص، والعدد. ولم يعتبر أصبغ العدد. وظاهر الحديث حجَّة لابن القاسم، ولأصبغ التمسك بالحديث الذي ليس فيه ذكر العدد. وحجَّة ابن القاسم أوضح؛ لأن من ذكر شيئًا حجَّة على من سكت عنه، ولأنَّه من باب حمل المطلق على المقيد، فإذا أتى بجميع أوصافها؛ فهل يُحَلَّف مع ذلك أو لا؟ قولان. النَّفي لابن القاسم. وتحليفه لأشهب.
ولا تلزمه بينة عند مالك وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا تدفع له (١) إلا إذا أقام بينة أنها له. والأول أولى؛ لنصّ الحديث على ذلك، ولأنَّه لو كان إقامة البيِّنة شرطًا في الدَّفع لما كان لذكر العِفاص، والوكاء، والعدد معنًى؛ فإنَّه يستحقها بالبيِّنة على كل حال، ولما جاز سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فإنه تأخير للبيان عن وقت الحاجة. وقال أصبغ: إن عرف العِفاص وحده استُبرئ له، فإن جاء أحدٌ، وإلا أُعطيها. وقال ابن عبد الحكم: لو أصاب تسعة أعشار الصفة، وأخطأ العشر لم يعطها إلا أن يصف العدد، فيصاب أقل. وقال أشهب: إن عرف منها وصفين، ولم يعرف الثالث دفعت إليه.
و(قوله: ثم عرِّفها سنة) تعريفها هو: أن ينشدها في مجتمعات الناس، وحيث يظن أن ربَّها هنالك، أو قربه، فيعرفها تعريفًا لا يضرُّ به، ولا يُخُفِي أمرها. والتعريف واجبٌ؛ لأنَّه مأمورٌ به. ثمَّ يختص الوجوب بسنة في المال الكثير؛ الذي لا يفسد، ولا ينقص منها. وهو قول فقهاء الأمصار. ولم يذهب أحدٌ منهم إلى زيادة على السنة إلا شيء روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فإنَّه قال: يعرفها ثلاثة أعوام. وإلا: ما تقدَّم من الخلاف في لقطة الحاجِّ.
فأما الشيء القليل التافه؛ الذي لا يتعلَّق به نفس مالكه كالتمرة، والكِسرة، فلا تعريف فيه. وقد مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة في الطريق فقال: (لولا أني أخاف أن تكون من