للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّدقة لأكلتها) (١)، ولم يعرِّفها.

ولو كانت من القليل الذي تتعلَّق به النفس غالبًا، فهل يُعرَّف أو لا؟ وإذا عُرِّف؛ فهل يُعرَّف سنة، أو يجزئ أقل من ذلك؟ كل ذلك مختلف فيه. فظاهر رواية ابن القاسم: أنَّه يُعرَّف سنة كالكثير. وهو قول الشافعي. وقال ابن القاسم في الكتاب: يُعرِّفه أيَّامًا. وبه قال ابن وهب، ولم يحدد الأيام، بل بحسب ما يظن أن مثلها يطلب فيها. وهذا كالحبل، والمخلاة، والدَّلو، والعصا، والسَّوط، والسِّقاء، والنَّعال. وقال أشهب: إن لم يعرفها فأرجو أن يكون واسعًا (٢). وقال بعض العلماء: لا يلزم تعريف شيء من ذلك، وألحقوه بالقسم الأول. وفيه بُعدٌ؛ لأنَّ ما تتشُّوف النفسُ إليه فالغالب: أن صاحبه يطلبه، فلا بدَّ من تعريفه، ولكنه لا ينتهي التعريف فيه إلى السَّنة؛ لأنَّ صاحبه لا يستديم طلبه فيها غالبًا، فحينئذ تضيع استدامة التعريف. فإن قيل: فقد جاء في كتاب أبي داود من حديث جابر: رخَّص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السوط، والعصا، والحبل، وأشباهه، يلتقطه الرَّجل ينتفع به (٣). وظاهره: أنه لا يحتاج مثل هذا إلى تعريف.

فالجواب: أن هذا لا يصحُّ رفعه؛ لأنَّه من رواية المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير، عن جابر. وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كانوا، ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -. والمغيرة بن مسلم أصلح حديثًا، وأصح من حديث المغيرة بن زياد. هكذا قاله أبو محمد عبد الحق.

قلت: مع أن حديث أبي الزبير عن جابر لا يؤخذ منه إلا ما ذكر فيه سماعه منه؛ لأنَّه كان يُدلِّس في حديث جابر، ولم يذكر سماعه في هذا الحديث، سلمنا صحته، لكنه يحتمل أن تكون هذه الإباحة بعد التعريف. ويعتضدُ هذا بما رواه


(١) رواه البخاري (٢٤٣١)، ومسلم (١٠٧١)، وأبو داود (١٦٥١ و ١٦٥٢).
(٢) لعل المقصود: أن الأمر فيه متسع.
(٣) رواه أبو داود (١٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>