وفيها أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: غَضِبَ عندما سئل عن ضالة الإبل حَتَّى احمَرَّت وَجنَتَاهُ.
رواه البخاري (٢٤٢٧ و ٢٤٢٨ و ٢٤٢٩ و ٢٤٣٨)، ومسلم (١٧٢٢)(١ و ٦)، وأبو داود (١٧٠٤ - ١٧٠٨)، والترمذيُّ (١٣٧٢)، والنسائي في الكبرى (٥٨١٤ - ٥٨١٦).
ــ
بالنظر فيها من غيره، فلا ينتزعها منه السلطان ولا غيره. وهو قول أهل العلم. غير أن الأوزاعي قال: إن كان مالًا كثيرًا جعله في بيت المال.
واختلفوا إن كان غير مأمون؛ هل يتركها السلطان بيده، أو يأخذها منه؟ فعن الشافعي في ذلك قولان.
قال القاضي عياض: ومقتضى مذهب مالك، وأصحابه: أن يأخذها منه إن كان غير مأمون. وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. فإذا أقرَّت بيده؛ فما الذي يفعل فيها؟ !
الجمهور: على أن له أن يمسكها عنده، ولا ضمان عليه؛ لأنَّها وديعة، كما جاء في بعض طرقه:(ولتكن وديعة عندك). وله أن يصرفها في مصالحه من أكل، أو انتفاع. وله أن يتصدَّق بها، ولا بدَّ في هذين من الضمان متى جاء صاحبها. وإلى هذا ذهب عمر بن الخطاب، وابنه، وابن مسعود، وعائشة، وعطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة. غير أنه - أعني: أبا حنيفة - لم يُبح أكلها إلا للفقير. وشذَّ داود فأسقط عنه الضمان بعد السَّنة.
وموجب الخلاف اختلاف تلك الروايات، وذلك: أن ظاهر قوله: (فهي لك)، و (قوله: ثم كُلها)، و (قوله: وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء): التمليك، وسقوط الضمان، وبه اغتَرَّ داود، لكن قد أزال ذلك الظاهر، ودَحَضَه رواية العدل والضابط الحافظ الإمام يحيى بن سعيد عن يزيد - مولى المنبعث -: أنَّه سمع زيد بن خالد الجهني يقول: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة؛ الذهب والورق فقال: (اعرف وكاءها،