للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٨١٨] وعنه، قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن اللُّقَطَةِ: الذَّهَبِ أَو الوَرِقِ، فَقَالَ: اعرِف وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفهَا سَنَةً، فَإِن لَم تَعترِف فَاستَنفِقهَا، وَلتَكُن وَدِيعَةً عِندَكَ، فَإِن جَاءَ طَالِبُهَا يَومًا مِن الدَّهرِ فَأَدِّهَا

ــ

وعِفاصها، ثمَّ عرِّفها سَنَة، فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدَّهر، فأدِّها إليه) (١). فهذه أحسن الروايات، وأنصُّها على المطلوب، وهي المبيِّنة لتلك الظواهر الحاكمة عليها. والعجب من داود كيف صُرف عنها وهي بين يديه، وأنَّى تغافلَ عنها؛ وهي حجَّة عليه؟ لكن من حرم التوفيق استدبر الطريق.

و(قوله: ولتكن وديعة عندك) بعد قوله: (استنفقها) معناه: ولتكن في ضمانك على حُكم الوديعة؛ يعني: إذا أنفقها المُودَعُ عنده فإنَّه يضمنها، وإلا: فإذا أنفقها لم تبق عَينُها، فكيف تبقى وديعة إلا على ما ذكرناه؟ والله تعالى أعلم.

و(قوله: فضالةُ الغنم؟ ) فقال: (هي لك، أو لأخيك، أو للذئب) أي: لا بدَّ لها من حال من هذه الأحوال الثلاثة. و (أو) هذه للتقسيم والتنويع. ويفيد هذا: الغنم إذا كانت في موضع يخاف عليها فيه الهلاك جاز لملتقطها أكلها، ولا ضمان عليه؛ إذ قد سوّى بينه وبين الذئب، والذئب لا ضمان عليه، فالملتقط لا ضمان عليه. وهو مذهب مالك وأصحابه، وقد ضمَّنه الشافعي وأبو حنيفة تمسُّكًا ببقاء ملك ربِّها عليها، وبما قد روي من حديث عمرو بن يثربي (٢): أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن لقيتها لقحة تحمل شفرةً وأزنادًا فلا تمسَّها) (٣). ولا حجَّة في شيء من ذلك؛


(١) هو حديث الباب الثاني رقم (٢٠٢٨).
(٢) هو عمرو بن يثربي الضمري، له صحبة، روى عنه عمارة بن حارثة "الجرح والتعديل" (٦/ ٢٦٩).
(٣) رواه أحمد (٣/ ٤٢٣ و ٥/ ١١٣)، وفيه: نعجة بدل لقحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>