للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَيهِ. وَسَأَلَهُ عَن ضَالَّةِ الإِبِلِ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، دَعهَا. وذكر نحو ما تقدم.

ــ

قد اتفقنا على أن لواجدها أخذها، وأكلها. والأصل: أنَّه لا يجوز التصرُّف في ملك الغير؛ فقد تركنا ذلك (١) الأصل، فلا نتمسك به في باب اللقطة؛ لأن الشرع قد سلَّط الملتقط عليها، ولما كانت هذه مآلها الهلاك إن تُركت ولا ضمان؛ كان أكلها لواجدها أولى بغير ضمان؛ لأنَّه انتفع بها رجل مسلم، ولا حجَّة أيضًا في الحديث لأنَّه من رواية عمارة بن حارثة، وليس بالمشهور الرواية، ولو سُلِّم أنه صحيح فلا حجَّة فيه أيضًا؛ لأنَّ ذلك القول إنما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جوابًا لمن قال له: أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي فأخذت شاة فأجزرتها؛ أعلي في ذلك شيء؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بذلك. فلم يسأله عن ضالة الغنم، بل عن غنم ابن عمِّه، وذلك عندما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفسٍ منه) (٢). فحينئذ سأله عن ذلك، فأجابه بذلك. ويلحق بالغنم عند مالك: ما لا يبقى من الأطعمة، ويخافُ عليه الفساد، وكان بموضع لا ينحفظ فيه، ولا يوجد من يشتريه، فله أكله، ولا ضمان. وضمَّنه الإمامان، كما قدمناه، فإن كان شيء من ذلك قريبًا من العمران، وأمن الهلاك عليه فلا يجوز له أكله، ولا خلاف فيه، فإن شاء أخذها بنيَّة حفظها، وإن شاء تركها على ما تقدم.

و(قوله في ضالَّة الإبل: ما لك ولها؟ ) إلى آخر الكلام، وغضبه حين قال ذلك يدلُّ على تحريم التعرُّض لضالَّة الإبل؛ لأنَّها يؤمن عليها الهلاك لاستقلالها بمنافعها. وقد نصّ على ذلك بقوله في الرواية الأخرى: (دعها عنك). ومقتضاه:


(١) في (ج ٢): هذا.
(٢) رواه أحمد (٣/ ٤٢٣ و ٥/ ١١٣)، والحاكم (١/ ١٩٣). وانظر: مجمع الزوائد (٤/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>