رواه البخاريُّ (٣٤٣٦)، ومسلم (١٧٢٢)(٥ و ٧)، وأبو داود (١٧٠٦)، والترمذي (١٣٧٣)، والنسائي في الكبرى (٥٨١١)، وابن ماجه (٢٥٠٧).
* * *
ــ
المنع من التصرف فيها مطلقًا، وأن تترك حيث هي. لكن هذا إذا لم تكن بأرض مسبعة. وعلى هذا يدلُّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ضالة المسلم حرق النار)(١). قال العلماء: هكذا كان في أول الإسلام، وعلى ذلك استمر زمن أبي بكر، وعمر، فلمَّا كان زمن عثمان وعلي، وكثر فساد الناس، واستحلالهم: رأوا التقاطها، وضمَّها، والتعريف بها، وهذا كلُّه منهم وفاءً بمقصود هذا الحديث في لقطة الإبل؛ فإن مقصوده: أنها إذا أمن عليها الهلاك، وبقيت بحيث تتمكن مما تعيش به من الأكل والشرب حتى يجيء ربُّها، فيجدها سليمة، فحينئذ لا يتعرَّض لها أحدٌ، فلو تعذر شيء من ذلك، وخِيف عليها الهلاك أو السَّرق؛ التقطت، وحفظت؛ لأنَّها مال مسلم؛ فيجب حفظه، ولا تُؤكل. ولو كانت بالمواضع المنقطعة عن العمران البعيدة؛ لأنَّ سَوقها ممكن، ومؤونتها متيسرة بخلاف الغنم.
وهل يلحق بها البقر أو بالغنم؟ عندنا في ذلك قولان. فرأى مالك إلحاقها بالغنم لضعفها عن الامتناع عند انفرادها. ورأى ابن القاسم إلحاقها بالإبل إذا كانت بموضع لا يخاف عليها فيه من السِّباع.
قلت: وكأن هذا تفصيل أحوال، لا اختلاف أقوال. وقد بيَّنَّا: أن مثله جار في الإبل، فالأولى: إلحاقها بها.
وكذلك اختلف في التقاط الخيل، والبغال، والحمير. وظاهر قول ابن القاسم: أنها تلتقط. وقال أشهب، وابن كنانة: لا تلتقط.