للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكِلَابَ المُعَلَّمَةَ فَيُمسِكنَ عَلَيَّ، وَأَذكُرُ اسمَ اللَّهِ عَلَيهِ. فَقَالَ: إِذَا أَرسَلتَ كَلبَكَ المُعَلَّمَ؛

ــ

(١ و ٢) ومن باب: الصيد بالجوارح وشروطها (١)

قوله: (إذا أرسلت كلبك المعلَّم) تعليم الكلب وغيره مما يصاد به هو: تأديبه على الصيد، بحيث يأتمر إذا أمر، وينزجر إذا زُجِر. ولا يختلف في هذين الشرطين في الكلاب وما في معناها من سباع الوحوش.

واختلف فيما يصاد به من الطير. فالمشهور: أن ذلك مشترطٌ فيها. وذكر ابن حبيب: أنه لا يشترط أن تنزجر إذا زُجِرَت؛ فإنَّه لا يتأتى ذلك فيها غالبًا. فيكفي أنها إذا أمرت أطاعت.

قلت: والوجود يشهد للجمهور، بل الذي لا ينزجر نادرٌ فيها، وقد شرط الشافعي، وجمهور من العلماء في التعليم أن يمسك على صاحبه، ولا يأكل منه شيئًا. ولم يشترطه مالك في المشهور عنه، وسيأتي.

وقد ألحق الجمهور بالكلب كلَّ حيوان مُعَلَّم يتأتى به الاصطياد تمسُّكًا بالمعنى، وبما رواه الترمذي عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيد البازي فقال: (ما أمسك عليك فَكُل) (٢) على أن في إسناده مجالدًا، ولا يُعرف إلا من حديثه، وهو ضعيف. والمعتمد: النظر إلى المعنى، وذلك أن كل ما يتأتى من الكلب يتأتى من الفهد مثلًا، فلا فارق إلا فيما لا مدخل له في التأثير، وهذا هو القياس في معنى الأصل، كقياس السيف على المِديَة؛ التي ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، وقياس الأَمَة على العبد في سراية العتق.

وقد خالف في ذلك قوم، وقصروا الإباحة على الكلاب خاصة. ومنهم من يستثني الكلب الأسود، وهو الحسن،


(١) ضمَّن المؤلف -رحمه الله- في شرح ما أشكل في هذا الباب، شرحَ ما أشكل في الباب الذي يليه وهو: باب: الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد.
(٢) رواه الترمذي (١٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>