للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلتُ: وَإِن قَتَلنَ؟ قَالَ: وَإِن قَتَلنَ، مَا لَم يَشرَكهَا كَلبٌ لَيسَ مَعَهَا.

ــ

(لا يؤكل)، فمنهم من قال: تحريمًا، ومنهم من قال: كراهةً. ووجه الفرق: أن الناسي غير مكلَّف بما نسيه، ولا مؤاخذة عليه، فلا يؤثر نسيانه بخلاف العامد.

و(قوله: وإن قَتَلن) هذا لا يختلف فيه أن قتل الجوارح للصيد ذكاة إذا كان قتلها بِتَخلِيب، أو تَنيِيب، فأما لو قتله صدمًا، أو نطحًا: فلا يؤكل عند ابن القاسم. وبه قال أبو حنيفة. وقال أشهب: يؤكل. وهو قول أحد قولي الشافعي. وسبب الخلاف: هل صدم الجارح له، أو نطحه كالمعراض إذا أصاب بعرضه، أم لا؟ فشبهه ابن القاسم به؛ فمنع، وفرَّق الآخرون: بأن الجوارح حيوان، وقد أمسك على صاحبه، وقد قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمسَكنَ عَلَيكُم} وليس كذلك المعراض؛ فإنَّه لا يقال فيه: أمسك عليك.

قلت: وهذا الفرق لفظي لا فقه فيه، فإن المِعرَاض، وإن لم يُقل فيه: أمسك عليك؛ لكنه يقال فيه: أمسك - مُطلقًا -؛ لأنَّه لما أصاب الصيد وقتله فقد أمسكه، والأفقه: قول ابن القاسم، والله أعلم.

فأما لو مات الصيد فزعًا، أو دهشًا، ولم يكن للجوارح فيه فعل: فلا يختلف في أنه لا يؤكل فيما علمت.

و(قوله: فإن أدركته حيًّا فاذبحه) هذا يدلُّ على أن المقدور عليه لا تكون ذكاته العقر، بل الذبح، أو النحر. وعلى هذا: فيجب على الصائد إذا أرسل الجوارح أن يجتهد في الجري مُهيِّئًا لآلة الذبح؛ فإنَّه إن فرَّط في شيء من ذلك حتى هلك الصيد بين يدي الجوارح لم يجز أكله؛ لأنَّه لما أمسكته الجوارح صار مقدورًا عليه. والصائد لو لم يُفرط كان متمكنًا من ذبحه، فإن أدركه الصائد منفوذ المقاتل فحكمه حكم المقتول؛ لأنَّه ميؤوس من بقائه. إلا أن مالكًا استحب ذكاته مراعاة للخلاف. هذا هو مشهور قوله.

و(قوله: ما لم يشركها كلب ليس معها)، وفي أخرى: (فإن خالطها

<<  <  ج: ص:  >  >>