للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَكَرتَ اسمَ اللَّهِ عَلَيهِ فَكُل.

ــ

ولا إغراء: فلا يجوز صيده، ولا يحل أكله؛ لأنَّه إنَّما صاد لنفسه، وأمسك عليها، ولا صُنعَ للصائد فيه، فلا يُنسبُ إليه إرساله؛ لأنَّه لا يصدق عليه: (إذا أرسلت كلبك المعلم). ولا خلاف في هذا فيما علمته.

و(قوله: وذكرت اسم الله)، وفي الأخرى: (واذكر اسم الله) على الأمر.

وظاهر هذا: أنه لا بدَّ من التسمية بالقول عند الإرسال، فلو لم توجد على أي وجه كان لم يؤكل الصيد. وهو مذهب أهل الظاهر، وجماعة أهل الحديث، ويعضدهم ظاهر قوله تعالى: {وَلا تَأكُلُوا مِمَّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ}

وذهب طائفة من أصحابنا، وغيرهم: إلى أنه يجوز أكل ما صاد المسلم وذبحه، وإن ترك التسمية عمدًا. وحملوا الأمر بالتسمية على الندب، وكأنهم حملوا هذه الظواهر على ذكر اسم الله بالقلب، وهو لا يخلو عنه المسلم غالبًا، فإنَّه إذا نوى التذكية فقد ذكر الله تعالى بقلبه، فإن معنى ذلك: القصد إلى فعل ما أباحه الله تعالى على الوجه الذي شرعه الله، وهذا كما قاله بعض العلماء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) (١) أي: من لم ينو، وأصل هذا: أن الذِّكر إنما هو التنبه بالقلب للمذكور، ثم سمي القول الدال على الذكر: ذكرًا، ثم اشتهر ذلك حتى صار السابق إلى الفهم من الذكر: القول اللِّساني. فأما الآية: فمحمولة على أن المراد بها ذبائح المشركين، كما هو أشهر أقوال المفسرين وأحسنها. وذهب مالك في المشهور عنه إلى الفرق بين ترك التسمية عمدًا، أو سهوًا، فقال: لا تؤكل مع العمد، وتؤكل مع السهو. وهو قول كافة فقهاء الأمصار، وأحد قولي الشافعي.

ثم اختلف أصحاب مالك في تأويل قوله:


(١) رواه أبو داود (١٠١ و ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>