للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٨٢٩] وعنه: قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قُلتُ: إِنَّا قَومٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الكِلَابِ، فَقَالَ: إِذَا أَرسَلتَ كِلَابَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرتَ اسمَ اللَّهِ عَلَيهَا

ــ

وبظاهر هذا الحديث قال جمهور العلماء من السلف والخلف. وقد شذَّ مكحول، والأوزاعي، فأباحا أكل ما أصاب المعراض بعرضه. وهو قول مردودٌ بالكتاب والسُّنَّة؛ لأنَّه مخالف لنصوصهما.

و(قوله: وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله) هذا دليلٌ على جواز الصيد بمحدَّد السلاح، وكذلك قوله في المعراض: (إذا أصاب بحدِّه فكل)، وكذلك قوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيدِيكُم وَرِمَاحُكُم} ولا خلاف فيه.

و(قوله: فإن غاب عنك يومًا، فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل)، ونحوه في حديث أبي ثعلبة، غير أنه زاد: (فكله بعد ثلاث ما لم ينتن). وإلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث صار مالك في أحد أقواله، وسوى بين السَّهم والكلب.

والقول الثاني: إنه لا يؤكل شيء من ذلك إذا غاب عنك.

والقول الثالث: الفرق بين السَّهم، فيؤكل، وبين الكلب فلا يؤكل. ووجهه: أن السهم يقتل على جهة واحدة فلا يُشكل، والجارح على جهات متعدِّدة فيُشكل. والقول الثاني أضعفها.

و(قوله: ما لم يُنتِن) اختلف العلماء في تعليل هذا المنع، فمنهم من قال: إذا أنتن لحق بالمستقذرات التي تمجُّها الطِّباع، فيكره أكلها تنزيهًا، فلو أكلها لجاز، كما قد أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإهالة السنخة (١)، وهي المنتنة. ومنهم من قال: بل هو مُعلَّلٌ بما يخاف منه الضرر على آكله. وعلى هذا التعليل يكون أكله محرَّمًا؛ إن كان الخوف محققًا. وقيل: إن ذلك النتن يمكن أن يكون من نهش ذوات السُّموم. قال ابن شهاب: كُل مما قتل إلا أن يَنعَطِن، فإذا انعَطَن فإنَّه نهشٌ. وفسَّروا


(١) ذكره ابن الأثير في النهاية (٢/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>