وبظاهر هذا الحديث قال جمهور العلماء من السلف والخلف. وقد شذَّ مكحول، والأوزاعي، فأباحا أكل ما أصاب المعراض بعرضه. وهو قول مردودٌ بالكتاب والسُّنَّة؛ لأنَّه مخالف لنصوصهما.
و(قوله: وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله) هذا دليلٌ على جواز الصيد بمحدَّد السلاح، وكذلك قوله في المعراض:(إذا أصاب بحدِّه فكل)، وكذلك قوله تعالى:{تَنَالُهُ أَيدِيكُم وَرِمَاحُكُم} ولا خلاف فيه.
و(قوله: فإن غاب عنك يومًا، فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل)، ونحوه في حديث أبي ثعلبة، غير أنه زاد:(فكله بعد ثلاث ما لم ينتن). وإلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث صار مالك في أحد أقواله، وسوى بين السَّهم والكلب.
والقول الثاني: إنه لا يؤكل شيء من ذلك إذا غاب عنك.
والقول الثالث: الفرق بين السَّهم، فيؤكل، وبين الكلب فلا يؤكل. ووجهه: أن السهم يقتل على جهة واحدة فلا يُشكل، والجارح على جهات متعدِّدة فيُشكل. والقول الثاني أضعفها.
و(قوله: ما لم يُنتِن) اختلف العلماء في تعليل هذا المنع، فمنهم من قال: إذا أنتن لحق بالمستقذرات التي تمجُّها الطِّباع، فيكره أكلها تنزيهًا، فلو أكلها لجاز، كما قد أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإهالة السنخة (١)، وهي المنتنة. ومنهم من قال: بل هو مُعلَّلٌ بما يخاف منه الضرر على آكله. وعلى هذا التعليل يكون أكله محرَّمًا؛ إن كان الخوف محققًا. وقيل: إن ذلك النتن يمكن أن يكون من نهش ذوات السُّموم. قال ابن شهاب: كُل مما قتل إلا أن يَنعَطِن، فإذا انعَطَن فإنَّه نهشٌ. وفسَّروا