للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَضلَاعِهِ فَأَقَامَهَا، ثُمَّ رَحَلَ أَعظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَمَرَّ مِن تَحتِهَا، وَتَزَوَّدنَا مِن لَحمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمنَا المَدِينَةَ أَتَينَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: هُوَ رِزقٌ أَخرَجَهُ اللَّهُ لَكُم، فَهَل مَعَكُم مِن لَحمِهِ شَيءٌ فَتُطعِمُونَا؟ قَالَ:

ــ

الموضع، أو يقال: إنهم أكلوه طريًّا، ثم مَلَّحُوه، وجعلوه وشائِق؛ أي: قدَّدوه قدائد، كما يُفعل باللحم. ويقال فيه: وشقت اللحم، فاتَّشق، والوَشيقَة: القديدة. وعلى هذا يدلّ قوله: (ونقتطع منه الفدر) أي: القطع الكبار.

و(قوله: وتزوَّدنا من لحمه وشائق) أي: قدائد. وهذا اللفظ يدلّ أيضًا: على أنه يتزوَّد من الميتة إذا خاف ألا يجد غيرها، فإن وجد غيرها، أو ارتجى وجوده لم يستصحبها. وهو قول مالك، وغيره من العلماء.

و(قوله: كنا نَغتَرف من وَقب عينها (١) بالقلال الدُّهن) دليل على أنهم كانوا يجيزون الانتفاع بشحوم الميتة، وبالزيت النجس، كما يقوله ابن القاسم، ويجنب المساجد. وخالفه عبد الملك وغيره، فقالوا: لا ينتفع بشيء من ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في سمن الفأرة: (إن كان مائعًا فلا تقربوه) (٢).

و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: هو رزق الله أخرجه لكم) تذكير لهم بنعمة الله تعالى ليشكروه عليها.

و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: فهل عندكم شيء منه فتطعمونا) وأكله منه ليبيِّن لهم بالفعل جواز أكل ميتة البحر في غير الضرورة، وأنها لم تدخل في عموم الميتة المحرَّمة في القرآن، كما قد بيَّن ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) (٣).

وفي


(١) في التلخيص: عينه.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٢٣٣ و ٢٦٥)، وأبو داود (٣٨٤١). وانظره في: بلوغ المرام لابن حجر برقم (٨٠٧).
(٣) سبق تخريجه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>