للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٨٣٧] وعن أَبي ثَعلَبَةَ قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الحُمُرِ الأَهلِيَّةِ.

رواه البخاريُّ (٥٥٢٧)، ومسلم (١٩٣٦)، والنسائي (٧/ ٣٠٤).

ــ

و(قوله: حرَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية) وفي الروايات الأخر: (نهى)، والأُولى نصٌّ في تحريمها. وهي مفسِّرة للنَّهي الوارد في الروايات الأخر. وبالتحريم للحمر الأهلية قال جمهور العلماء - سلفًا وخلفًا - وفي مذهب مالك قولٌ بالكراهة المغلظة، والصحيح: الأول؛ لما تقدم. لا يقالُ: كيف يُجزِم بتحريم أكلها مع اختلاف الصحابة في تعليل النهي الوارد فيها على أقوال؟ فمنهم من قال: نهى عنها لأنَّها لم تُخَمس. ومنهم من قال: لأنها كانت حمولتهم. ومنهم من قال: لأنها كانت تأكل الجَلَّة، كما ذكره أبو داود. ومنهم من قال: لأنها رجس. وهذه كلها ثابتة بطرق صحيحة، وهي متقابلة، فلا تقوم بواحد منها حجَّة. فكيف يجزم بالتحريم؟ وإذا لم يجزم بالتحريم فأقل درجات النهي أن يحمل على الكراهة؛ لأنَّا نجيب عن ذلك: بأن الصحابي قد نصَّ على ذلك التحريم كما ذكرناه آنفًا، وبأن أولى العلل ما صرَّح به منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فإنَّها رجسٌ من عمل الشيطان). والرِّجس: النَّجس. فلحومها نجسة؛ لأنَّها هي التي عاد عليها ضمير (إنها رجس). وهي التي أمر بإراقتها من القدور، وغسلها منها، وهذا حكم النجاسة. فظهر: أن هذه العلَّة أولى من كل ما قيل فيها.

وأما التعليل الذي ذكره أبو داود من حديث غالب بن أبجر، وهو الذي قال فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما حرمتها عليكم من أجل جوَّال القرية) (١) فحديث لا يصح؛ لأنَّه يرويه عن عبد الله بن عمرو بن لويم، وهو مجهول، وقد رواه رجل يقال له: عبد الرحمن بن بشر، وهو أيضًا مجهولٌ على ما ذكره أبو محمد عبد الحق.

وأما


(١) رواه أبو داود (٣٨٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>