للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَهُ شَربٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارتَدَاهُ، ثُمَّ انطَلَقَ يَمشِي. فاتَّبَعتُهُ أَنَا وَزَيدُ بنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ البَابَ الَّذِي فِيهِ حَمزَةُ، فَاستَأذَنَ فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُم شَربٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمزَةُ مُحمَرَّةٌ عَينَاهُ، فَنَظَرَ حَمزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ إِلَى رُكبَتَيهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجهِهِ، قَالَ حَمزَةُ: وَهَل أَنتُم إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيهِ القَهقَرَى، حتى خَرَجَ، وَخَرَجنَا مَعَهُ.

رواه البخاريُّ (٣٠٩١)، ومسلم (١٩٧٩) (٢)، وأبو داود (٢٩٨٦).

ــ

ما يُتلِف السكران من الأموال يلزمه غرمه. وعلى تقدير ألَاّ تثبت هذه الزيادة؛ فعدم النقل لا يدلّ على عدم المنقول، ولو دلَّ على ذلك لأمكن أن يقال: إنما لم يحكم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغرامة لأن عليًّا - رضي الله عنه - لم يطلبها منه، أو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحمَّلها عنه كما قال في صدقة العباس. والله تعالى أعلم.

وقد احتج بهذا الحديث من لا يلزم السكران؛ من جهة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذ حمزة بما صدر عنه من قوله. وإليه ذهب: المُزني، والليث، وبعض أصحاب أبي حنيفة. وتوقف فيه: أحمد بن حنبل. والجمهور من السَّلف والخلف وكافة الفقهاء: على أن ذلك يلزمه؛ لأنَّ السكران بعد التحريم أدخل نفسه في السُّكر بمعصية الله تعالى فكان مختارًا لما يكون منه فيه، ولم يكن حمزة كذلك، بل كان شُربُه مباحًا كما قدَّمناه، فصار ذلك بمثابة من سكر من شُرب اللَّبن، أو غيره من المباحات، فإنَّه لا يلزمه شيء مما يجري منه من القول، ويكون كالمُغمى عليه. والله أعلم.

و(قوله: فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقرى). نكص، أي: تأخر. و (القهقرى): الرجوع إلى وراء، ووجهه إليك. قاله الأخفش. يقال منه: تقهقر

<<  <  ج: ص:  >  >>