للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَمزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَاجتَبَّ أَسنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ فِي بَيتٍ

ــ

مكان (حتى) والأول أوضح. وقد سقط (وجمعت) الأوَّل في بعض النسخ، وسقوطه وثبوت (حتى) يَحسُن الكلام، وقد ذكره الحميدي في مختصره بلفظ أحسن من هذا، فقال: (وأقبلت حين جمعت ما جمعت).

قلت: وهذا الحديث يدلُّ على أن شُرب الخمر كان إذ ذاك مباحًا، معمولًا به، معروفًا عندهم بحيث لا يُنكر، ولا يُغير، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ عليه، وعليه يدلُّ قوله تعالى: {لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُم سُكَارَى} وقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا وَرِزقًا حَسَنًا} وهل كان يباح لهم شرب القدر الذي يسكر؟ ظاهر هذا الحديث يدلّ عليه، فإنَّ ما صدر عن حمزة - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم - من القول الجافي المخالف لما يجب من احترام النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوقيره، وتعزيره، يدلُّ: على أن حمزة كان قد ذهب عقله بما يسكر، ولذلك قال الراوي: فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه ثَمِلَ. ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُنكر على حمزة، ولا عنَّفه، لا في حال سكره، ولا بعد ذلك. فكان ذلك دليلًا على إباحة ما يُسكر عندهم. وهذا خلاف ما قاله الأصوليون وحكوه، فإنَّهم قالوا: إن السكر حرام في كل شريعة قطعًا لأن الشرائع مصالح العباد قطعًا، لا مفاسدهم. وأصل المصالح العقل، كما أن أصل المفاسد ذهابه. فيجب المنع من كل ما يذهبه ويشوشه. وما ذكروه واضح، ويمكن أن ينفصل عن حديث حمزة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الإنكار على حمزة في حال سكره؛ لكونه لا يعقل، وعلى إثر ذلك نزل تحريم الخمر. أو أن حمزة لم يقصد بشربه السُّكر، لكنه أسرع فيه فغلبه. والله تعالى أعلم.

ولم يقع في شيء من الصحيح أن النبي ألزم حمزة غرامة الشارفين، لكن روى هذا الحديث عمر بن شبَّة في كتابه، وزاد فيه من رواية أبي بكر بن عياش: فغرمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حمزة، وهذه الرواية جارية على الأصول؛ إذ لا خلاف في أنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>