للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخَبَرُ؟ قُلنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّ الخَمرَ قَد حُرِّمَت، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، أَرِق هَذِهِ القِلَالَ، قَالَ: فَمَا رَاجَعُوهَا وَلَا سَأَلُوا عَنهَا بَعدَ خَبَرِ الرَّجُلِ.

ــ

النُّقطة منه. وأما ما عدا ذلك فالجمهور على تحريمه على ما ذكرناه.

وخالف الكوفيون في القليل مما عدا ما ذكر. وهو الذي لا يبلغ الإسكار. وفي المطبوخ من المستخرج من العنب: فذهب قومٌ من أهل البصرة إلى قصر التحريم على عصير العنب، ونقيع الزبيب النَّيِّء، وأما المطبوخ منهما والنَّيِّء والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يقع الإسكار. وذهب أبو حنيفة إلى قصر التَّحريم على المعتصر من ثمرات النخيل والأعناب على تفصيل. فيرى: أنَّ سُلافَةَ العنب يحرم قليلها وكثيرها إلا أن تطبخ حتى ينقص ثُلثاها. وأمَّا نقيع الزبيب والتمر: فيحل مطبوخهما، وإن مسَّته النار مسًّا قليلًا من غير اعتبار بحدٍّ. وأما النَّيِّء منه فحرام، ولكنه مع تحريمه إيَّاه لا يوجب الحدَّ فيه. وهذا كله ما لم يقع الإسكار، فإنَّ وقع الإسكار استوى الجميع. هذه حكاية الإمام أبي عبد الله. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور على ما قررناه، والحمد لله.

وفي حديث أنس هذا أبواب من الفقه. منها: أن الواحد كان معمولًا به عندهم، معلومًا لهم، ألا ترى أنهم لم يتوقفوا عند إخبار المخبر، بل بادروا إلى إتلاف الخمر، والامتناع مما كان مباحًا لهم.

ومنها: أن نداء المنادي عن الأمير يتنزل في العمل منزلة سماع قوله.

ومنها: أن المحَّرم الأكل أو الشُّرب لا ينتفع به في شيء من الأشياء، لا من بيع، ولا من غيره.

وفيه: كسر أواني الخمر. وعليه تُخَرَّج إحدى الروايتين عن مالك في كسرها؛ لما داخلها من الخمر، ولعسر غسلها، وفي الأخرى: إذا طبخ فيها الماء وغسلت جاز استعمالها. وعلى هذا: فإذا كانت الأواني مضرَّاة في الخمر لا ينتفع بها لشيء من الأشياء؛ تكسر على كل حال، ولذلك شدَّد مالك في الزقاق، فإنَّ تَعَلَّق الرائحة بها عَسر الانفكاك، بل لا ينفك.

<<  <  ج: ص:  >  >>