للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخَمرِ، فَنَهَاهُ أَو كَرِهَ أَن يَصنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصنَعُهَا لدوَاءِ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ.

رواه مسلم (١٩٨٤)، وأبو داود (٣٨٧٣)، والترمذيُّ (٢٠٤٧).

ــ

لا تحل تغليظًا على المقتحم. وقال الشافعي: إنها تحل وهي على النجاسة. وهذا ضعيف لوجهين:

أحدهما: أنه منتقضٌ بما إذا تخلَّلت من نفسها.

والثاني: أن الموجب للتحريم والتنجيس - وهو الشدَّة - قد زال، فيزول الحكم.

فإن قيل: هَبكَ أن الشدة قد زالت، لكن بقيت علَّة أخرى للتَّنجيس وهو مخالطة الوعاء النجس فإنَّه تنجس بالخمر، فلما استحالت عينها للخلِّيِّة بقيت ممازجته الوعاء النجس، فتنجست بما خالطها من نجاسة الوعاء.

فالجواب: أن الوعاء حيث استحالت الخمر خلًا طاهرٌ لطهارة ما تعلق به فيه؛ إذ هو الآن جزء من الخل الذي في الوعاء. فإن قيل: فيلزم على هذا أن يزول حكم النجاسة عن المحل بغير الماء، وليس بأصلكم!

فالجواب: إنا وإن لم يكن ذلك أصلنا، فقد خرج عن ذلك الأصل الكلِّي فروع: كالمخرجين، وذيل المرأة، والخف، والنعل إذا تعلقت بها أرواث الدواب، وكالسَّيف الصقيل، وغير هذا مِمَّا استثني عن ذلك الأصل بحكم الدليل الخاصّ، فيمكن أن تَلحق هذه المسألة بتلك المواضع. والتحقيق في الجواب ما أشرنا إليه: من أن عين ما حكمنا بنجاسته لأجله قد طهر، فالمتعلق به الآن طاهرٌ لا نجس، فالوعاء ليس بنجس. والله الموفق.

و(قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي سأله عن الخمر فقال: إنما أصنعها للدواء: إنها ليس بدواء، ولكنها داء) دليل: على أنه لا يجوز التداوي بالخمر، ولا بما حرمه

<<  <  ج: ص:  >  >>