للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٩٠٦] وعَن أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا وَيَقُولُ: إِنَّهُ أَبرَأُ وأَروَى وَأَمرَأُ. قَالَ أَنَسٌ: وأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا.

وفي رواية: في الإناء.

رواه البخاري (٥٦٣١)، ومسلم (٢٠٢٨) (١٢٣)، وأبو داود (٣٧٢٧)، والترمذيُّ (١٨٨٥)

ــ

و(قول أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في الشراب ثلاثًا)، وفي رواية: (في الإناء) قد حمل بعضهم هذا الحديث على ظاهره، وهو أن يتنفس في الإناء (١) ثلاثًا. وقال: فعل ذلك ليبيِّن به جواز ذلك. ومنهم من علل جواز ذلك في حقه - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يكن يُتَقَذَّرُ منه شيء، بل الذي يُتَقَذَّرُ من غيره يُستطاب منه، فإنَّهم كانوا إذا بزق، أو تنخع تدلكوا بذلك، وإذا توضأ اقتتلوا على فضل وضوئه، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى.

قلت: وحمل هذا الحديث على هذا ليس بصحيح؛ بدليل بقية الحديث، فإنَّه قال: (إنه أروى، وأبرأ، وأمرأ، وهذه الثلاثة الأمور إنما تحصل بأن يشرب في ثلاثة أنفاس خارج القدح، فأما إذا تنفس في الماء وهو يشرب: فلا يأمن الشَّرَق، ويحصل تقذير الماء، وقد لا يروى إذا سقط من بزاقه شيء، أو خالطه من رائحة نفسه إن كانت هنالك رائحة كريهة. وعلى هذا المعنى حمل الحديث الجمهور. وهو الصواب إن شاء الله تعالى نظرًا إلى المعنى، ولبقية الحديث، ولقوله للرجل: (أَبِنِ القدح عن فيك). ولا شك: أن هذا من مكارم الأخلاق، ومن باب النظافة، وما كان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بشيء من مكارم الأخلاق ثم لا يفعله.

و(أروى) من الرِّي؛ أي: أكثر رَيَّا. و (أمرأ) و (أبرأ) قيل: إنهما بمعنى


(١) في (ج ٢): الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>