للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٩٠٧] وعَن أَنَس بن مالك قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَأَنَا ابنُ عَشرٍ، وَمَاتَ وَأَنَا ابنُ عِشرِينَ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحثُثنَنِي عَلَى خِدمَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَينَا دَارَنَا، فَحَلَبنَا لَهُ مِن شَاةٍ دَاجِنٍ، وَشِيبَ لَهُ مِن بِئرٍ فِي الدَّارِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ - وَأَبُو بَكرٍ عَن شِمَالِهِ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعطِ أَبَا بَكرٍ، فَأَعطَاهُ أَعرَابِيًّا عَن يَمِينِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: الأَيمَنَ فَالأَيمَنَ.

وفي رواية: فَأَعطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الأَعرَابِيَّ وَتَرَكَ أَبَا بَكرٍ، وَعُمَرَ.

ــ

واحد؛ أي: أحسن شربًا. والباء تبدل من الميم في مواضع. و (أمرأ) من قوله تعالى: {هَنِيئًا مَرِيئًا} يقال: استمرأت الطعام: إذا استحسنته واستطبته. وعلى هذا المعنى الذي صار إليه الجمهور يكون الشراب المذكور بمعنى: الشرب مصدرًا، لا بمعنى الشراب الذي هو المشروب. فتأمله، فإنَّه حسنٌ معنًى، وفصيحٌ لغةً، فإنَّه يقال: شرب شُربًا وشرابًا بمعنى واحد.

و(قول أنس: وكن أُمَّهاتي) هذا على لغة قوله - صلى الله عليه وسلم -: يتعاقبون فيكم ملائكة (١). و (يَحثُثنَنِي) أي: يَحضُضنَنِي. حثَّ، وحضَّ، ورغَّب بمعنى واحد. و (شِيبَ) أي: خلط بالماء ومزج ليبرد.

وإنما بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأعرابي لأنه كان عن يمينه، فبيَّن: أن ذلك سُنَّة، ولذلك قال: الأيمن فالأيمن أي: أعط الأيمن، وابدأ به. وقيل أيضًا: إنه قصد استئلافه، فإنَّه كان من كبراء قومه، فلذلك جلس عن يمينه. والأول أظهر، ولا يبعد قصد المعنى الثاني.


(١) رواه أحمد (٢/ ٤٨٦)، والبخاري (٥٥٥)، ومسلم (٦٣٢)، والنسائي (١/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>