للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَلِمتُ أَنَّهُ لَيسَ إِلَيهَا سَبِيلٌ، قَالَ: نَدَّمَنِي الشَّيطَانُ فَقَالَ: وَيحَكَ، مَا صَنَعتَ؟ أَشَرِبتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ فَلَا يَجِدُهُ، فَيَدعُو عَلَيكَ فَتَهلِكُ، فَتَذهَبُ دُنيَاكَ وَآخِرَتُكَ؟ وَعَلَيَّ شَملَةٌ إِذَا وَضَعتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأسِي، وَإِذَا وَضَعتُهَا عَلَى رَأسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّومُ، وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلَم يَصنَعَا مَا صَنَعتُ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى المَسجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنهُ فَلَم يَجِد فِيهِ شَيئًا، فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلتُ: الآنَ يَدعُو عَلَيَّ فَأَهلِكُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَطعِم مَن أَطعَمَنِي، وَأَسقِ مَن أَسقَانِي. قَالَ: فَعَمَدتُ إِلَى الشَّملَةِ

ــ

بمعنى: السَّير الشديد، والإمعان فيه، قاله الأصمعي. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن هذا الدِّين متين، فأوغل فيه برفق) (١) أي: فسر فيه برفق.

و(الشَّملة): كساء صغير يشتمل به؛ أي: يُلتحف به على كيفية مخصوصة، قد ذكرناها في الصلاة.

و(قوله: ثم أتى المسجد) يعني به - والله أعلم -: مسجد بيته، أي: حيث كان يصلِّي النوافل.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لما لم يجد شيئًا: (اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من سقاني) يدلّ على كرم أخلاقه، ونزاهة نفسه - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يسأل عن نصيبه، ولم يُعرّج على ذلك، لكنَّه دعا الله تعالى.

و(سقاني) بمعنى يسقيني. و (من أطعمني) بمعنى: يطعمني. ولما فهم المقداد منه الدعاء، وطلب أن يفعل الله ذلك معه في الحال؛ عرف: أن الله يجيبه، ولا يرد دعوته، لا سيما عند شدَّة الحاجة، والفاقة. فقام لينظر له شيئًا تكون به إجابة دعوته، فوجد الأعنز حفلًا؛ أي: ممتلئة الضروع باللبن.


(١) رواه أحمد (٣/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>