للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِم، وَلا يَنظُرُ إِلَيهِم، وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُستَكبِرٌ.

رواه أحمد (٢/ ٤٣٣)، ومسلم (١٠٧)، والنسائى (٦/ ٨٦)، وابن ماجه (٢٢٠٨).

ــ

في حديثٍ آخر: البَخِيلُ المَنَّانُ (١)، فنَعَتَهُ به، والتأويلُ الأوَّل أظهر.

و(قوله: شَيخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُستَكبِرٌ) العائلُ: الفقير، والمُعِيلُ (٢): الكثيرُ العِيَال؛ يقال: عال الرجلُ فهو عائلٌ: إذا افتقَرَ، والعَيلَةُ: الفقر، وأعالَ فهو مُعِيلٌ: إذا كَثُرَ عياله. وإنما غلَّظ العقابَ على هؤلاءِ الثلاثة؛ لأنَّ الحاملَ لهم على تلك المعاصي مَحضُ المعاندة، واستخفافُ أمرِ تلك المعاصي التي اقتحموها؛ إذ لم يَحمِلهم على ذلك حاملٌ حَاجِيٌّ، ولا دعتهم إليها ضرورةٌ كما يدعو مَن لم يكن مثلهم.

وبيانُ ذلك: أنَّ الشَّيخَ لا حاجةَ ولا داعية له تدعوه إلى الزنى؛ لضعفِ داعيةِ النكاحِ في حقِّه، ولكمالِ عَقلِه، ولقربِ أجله؛ إذ قد انتهى إلى طَرَفِ عمره. ونحو من ذلك المَلِكُ الكَذَّابُ؛ إذ لا حاجةَ له إلى الكذب؛ فإنه يمكنه أن يُمَشِّيَ أغراضَهُ بالصِّدق، فإن خاف من الصدق مفسدةً، وَرَّى.

وأما العَائِلُ المُستَكبِرُ: فاستحقَّ ذلك؛ لغلبة الكِبرِ على نفسه؛ إذ لا سببَ له مِن خارجٍ يحملُهُ على الكبر؛ فإنَّ الكِبرَ غالبًا إنما يكونُ بالمالِ والخَوَلِ (٣) والجاه، وهو قد عَدِمَ ذلك كلَّه؛ فلا مُوجِبَ له إلا غلبةُ الكِبرِ على نفسه، وقِلَّةُ مبالاتِهِ بتحريمِهِ وتوعيدِ الشرعِ عليه، مع أنَّ اللائقَ به والمناسبَ لحالِهِ الرقة والتواضُعُ؛ لفقره وعجزه.


(١) رواه أحمد (٥/ ١٥١، ١٥٢، ١٧٦) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) "الخول": الخدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>