للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا قَالَ: وَإِنَّ أَبَا بَكرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكرٍ بِثَلَاثَةٍ، قَالَ: فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدرِي هَل قَالَ: وَامرَأَتِي وَخَادِمٌ بَينَ بَيتِنَا وَبَيتِ أَبِي بَكرٍ. قَالَ: وَإِنَّ أَبَا بَكرٍ تَعَشَّى عِندَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَت العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعدَمَا مَضَى مِن اللَّيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَت لَهُ امرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَن أَضيَافِكَ؟ أَو قَالَت: ضَيفِكَ. قَالَ: أَوَمَا عَشَّيتِهِم؟ قَالَت: أَبَوا حَتَّى تَجِيءَ، فَقَد عَرَضُوا عَلَيهِم فَغَلَبُوهُم. قَالَ: فَذَهَبتُ أَنَا فَاختَبَأتُ، وَقَالَ: يَا غُنثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا، لَا هَنِيئًا، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ: فَايمُ اللَّهِ،

ــ

لمن كان عنده طعام أربعة. وفي ذلك كانت المواساة واجبة لشدَّة الحال. والحكم كذلك مهما وقعت شدَّة بالمسلمين، والله الكافي والواقي.

و(قوله: يا غنثر! فجدَّع، وسبَّ) هو بضم الغين المعجمة، وفتح الثاء المثلثة وضمها. وهو: الجاهل. مأخوذ من الغثارة، وهي: الجهل. وقيل: من الغثر، وهو: اللوم. وعلى هذين: فالنون فيه زائدة. قال: كسراع الغنثر: ذباب أزرق.

قلت: والحاصل: أنها كلمة ذمّ وتنقيص.

وقد روى الخطابي هذا الحرف بالعين المهملة، والتاء باثنتين من فوقها، وقال: هو الذباب؛ تحقيرًا له. وقيل: هو الأزرق منه.

و(قوله: جدَّع) أي: دعا عليه بالجدع، وهو قطع الأنف. وقال أبو عمرو الشيباني: معناه: سبَّ. يقال: جادعته مجادعة: ساببته.

قلت: وهذا فيه بُعدٌ؛ لقوله: (جدَّع وسبَّ)، فلو كان كما قال لكان تكرارًا لا فائدة له. والأول أصوب.

وكل ذلك أبرزه من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - على عبد الرحمن ظن: أنه فرط في الأضياف، فلما تبين له: أنه لم يكن منه

<<  <  ج: ص:  >  >>