بالأضحية والسواك. وهذا نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا بشره شيئًا)(١).
والثاني: عطف العتيرة على الأضحية. والعتيرة ليست بواجبةً باتفاق على ما ذكره المازري. وقال أبو داود: العتيرة منسوخة. وهذا من قول أبي داود يدل على أن العتيرة كانت مشروعة في أول الإسلام، ثم نسخت، وكذلك قال ابن دريد، قال: العتيرة شاة كانت تذبح في رجب في الجاهلية يُتقرَّب بها، وكان ذلك في صدر الإسلام أيضًا. والعَتر: الذبح. قال غيره: وهي فعيلة بمعنى مفعولة، كذبيحة: بمعنى مذبوحة. يقال: عتر الرجل يعتر عترًا، بالفتح: إذا ذبح العتيرة. ويقال: هذه أيام ترجيب، وتعتار.
قلت: وظاهر قول أبي داود في العتيرة: إنها منسوخة: أنها لم تبق لها مشروعية على جهة الوجوب، ولا الجواز. قال القاضي أبو الفضل: وعامة أهل العلم على تركها للنهي عنها، إلا ابن سيرين فإنَّه كان يذبح العتيرة في رجب، ولم يره منسوخًا؛ يعني: الجواز. وأما الوجوب فمتفق على تركه على ما حكاه المازري. فإن قيل: لا نسلِّم أنَّ نسخ وجوب العتيرة يلزم منه نفي وجوب الأضحية؛ لأنَّ الحديث تضمن أمرين:
أحدهما: الأضحية - ولم يقل أحدٌ: إنها منسوخة -، - والعتيرة - وهي المنسوخة، فلا يلزم من نسخِها نسخُها. فالجواب: إنهما وإن كانا أمرين متغايرين، لكنهما قد اجتمعا في مفيد الوجوب، وهو: على؛ الذي استدللتم بها على الوجوب؛ لأنَّه لما عطف العتيرة على الأضحية بالواو من غير إعادة: على. علمنا: أن العتيرة دخلت مع الأضحية في معنى: على. وهو معنى واحدٌ، فإذا رفع ذلك المعنى عن العتيرة ارتفع عن الأضحية؛ لضرورة الاتحاد. وهذا حكم حروف