العطف المشَرِّكة في المعنى إذا عطف بها المفردات. فإنك إذا قلت: قام زيد وعمرو؛ استحال أن يرفع القيام عن عمرو، ويبقى لزيد، فلو أعاد العامل لصحَّ أن يرفع حكم أحدهما ويثبت حكم الآخر؛ لأنَّه يكون من باب عطف الجمل، ويجوز عطف الجمل المختلفة بعضها على بعض. وقد أشبعنا القول في هذا في الأصول. وهو أصل حسن يجب الاعتناء به.
وأما الاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اذبح مكانها أخرى): فقد عضدوه بما جاء في بعض طرق هذا الحديث، في (١) قوله: (أعد نسكًا)، وقوله: ضحِّ بها - يعني: الجذعة من المعز - ولا تجزي عن أحد بعدك)، ولا حجَّة في شيء من ذلك واضحة؛ لأنَّ المقصود بيان كيفية مشروعية الأضحية لمن أراد أن يفعلها، أو من التزمها فأوقعها على غير الوجه المشروع غلطًا، أو جهلًا، فبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه تدارك ما فرط فيه. وهذا هو المعني بقوله:(لا تجزي) أي: لا يحصل لك مقصود القربة، ولا الثواب. وهذا كما يقال في صلاة النفل: لا تجزي إلا بطهارة، وستر عورة؛ أي: لا تصح في نفسها؛ إذ لا يحصل مقصود القربة إلا بتمام شروطها. وهذا واضح جدًّا.
وقد استدلَّ بعض من رأى الوجوب: أن الأضحية من شريعة إبراهيم - عليه السلام - وقد أُمِرنا باتِّباعه، لقوله تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ} وهذا ترد عليه أسئلة كثيرة، قد ذكرناها في الأصول، فلا حجة فيه؛ لأنَّا نقول بموجب ذلك، ونسألهم: هل كانت الأضحية واجبة في شرعه، أو سُنَّة؟ وليس هناك ما يدلّ على شيء من ذلك، فإنَّ استدلوا بقصة الذبيح؛ فتلك قضية خاصة، أو منسوخة، ولا حجة في شيء منها. والله تعالى أعلم.
وأما وقت ذبحها: فهو عند مالك بعد صلاة الإمام، وذبحه، إلا أن يؤخر