للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تأخيرًا يتعدَّى فيه فيسقط الاقتداء به معتمدًا في ذلك على حديث جابر المذكور في الأصل. وهو نصٌّ في ذلك. وعند أبي حنيفة: الفراغ من الصلاة دون مراعاة ذبح الإمام. ويشهد له حديث البراء؛ فإنَّه قال فيه: (من ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نسكه). فعلَّق الذبح على الصلاة، ولم يذكر الذبح للإمام.

وعند الشافعي: وقتها دخول وقت الصلاة، ومقدار ما توقع فيه. فاعتبر الوقت دون الصلاة، وهو خروج عن ظواهر هذه الأحاديث، غير أنه لما صحَّ عنده: أن الأضحية مخاطب بها أهل البوادي، ومن لا إمام له، ومن لا يخاطب بصلاة عيد: ظهر له أن حكمها متعلِّق بمقدار وقت الصلاة لأهل المصر وغيرهم. والله تعالى أعلم.

وأما على مذهب مالك: فردَّ مطلق حديث البراء إلى مقيد حديث جابر؛ لأنَّه قد اتحد الموجب والموجب. وقد قلنا في أصول الفقه: إن هذا النوع متفق عليه عند الأصوليين.

وأما قبل الصلاة: فقال القاضي عياض: أجمع المسلمون: أن الذبح لأهل المصر لا يجوز قبلها؛ وإنما اختلفوا إذا ذبح بعدها وقبل ذبح الإمام. واختلفت فيه الآثار. وأما أهل البوادي، ومن لا إمام له، أو إذا لم يبرز الإمام أضحيته: فمشهور مذهب مالك يتحرى وقت ذبح الإمام، أو أقرب الأئمة إليه. وقال ربيعة وعطاء فيمن لا إمام له: إن ذبح قبل طلوع الشمس لم يُجزِه، ويجزيه إن ذبح بعده. وقال أهل الرأي: يجزيهم من بعد الفجر. وكأن هؤلاء تمسكوا في ذلك بقوله: {وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ} فأضاف النحر إلى اليوم، وهل اليوم من بعد طلوع الفجر أو من طلوع الشمس؟ هذا سبب اختلافهم. وهذا لا تعويل عليه هنا؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عيَّن للأضحية وقتًا من اليوم بفعله، وقوله؛ فإنه ذبح بعدما صلَّى، وقال: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلِّي، ثم ننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>