للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يفعل فإنما هو لحم قدَّمه لأهله، ليس من النُّسك في شيء) (١). وهذا اللفظ عام يتناول كل مضحٍّ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر من ذبح قبله أن يعيد أضحية أخرى، ونهى أن يذبح قبل ذبحه. فإذًا: أحسن المسالك ما ذهب إليه مالك.

هذا القول في مبدأ زمان الذبح.

فأما منتهاه: فهو عند مالك: يوم النَّحر، ويومان بعده. وعند الشافعي: وثلاثة بعده. وعند غيرهما: يوم النحر خاصَّة. وقاله سليمان بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ورويا حديثًا مرسلًا (٢). ومعتمد أصحابنا قوله تعالى: {وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ} الآية قالوا: والمعلومات: جمع قلَّة، لكن المتيقن منه الثلاثة، فإنَّه أقل الجمع على ما تقرر في الأصول. وما بعد الثلاثة غير متيقن، فلا يعمل به، فإنَّ تعيين عدد بعد ذلك تحكم؛ إذ لم يعينه الشرع.

وأما القول الثالث: فلا وجه له - في علمي - غير التمسك بإضافة النحر إلى اليوم الأول خاصة، وهو ضعيف مع قوله: {فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ}

واختلف في ليالي أيام النحر: هل تدخل مع الأيام فيجوز فيها الذبح أو لا؟ فروي عن مالك في المشهور: أنها لا تدخل. فلا يجوز الذبح بالليل، وعليه جمهور أصحابه. وقال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: الليالي داخلة في الأيام، ويجزي الذبح فيها، وروي عن مالك، وأشهب نحوه. ولأشهب تفريق بين الهدي والضحية، فأجاز الهدي ليلًا، ولم يجز الضحية ليلًا. وقد تمسَّك مالك بأصل وضع الأيام؛ فإنَّه الحقيقة في الكلام. وقد روي في ذلك نهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عطاء بن يسار مرسلًا، ولا يصح؛ لأنَّه من حديث مُبَشِّر بن عبيد، وهو متروك.


(١) رواه أحمد (٤/ ٢٨١ - ٢٨٢)، ومسلم (١٩٦١) (٥)، والترمذي (١٥٠٨)، والنسائي (٧/ ٢٢٢).
(٢) ما بين حاصرتين مستدرك من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>