للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ، لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ، وهو عَلَى غَيرِ ذَلِكَ،

ــ

أي: عن النِّسَاء. وعلى إسقاطها: يكون معنى بايع: باع؛ فيتعدَّى بنفسه، وسِلعةً: مفعولٌ.

و(قوله: فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ، لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا) يعني: أنَّه كذَبَ فزاد في الثَّمَنِ الذي به اشتَرَى؛ فكَذَبَ واستخَفَّ باسمِ الله تعالى حين حَلَفَ به على الكذب، وأخَذَ مالَ غيرِهِ ظُلمًا؛ فقد جمع بين كبائر، فاستَحَقَّ هذا الوعيدَ الشديد. وتخصيصُهُ بما بَعدَ العَصر، يَدُلُّ على نَّ لهذا الوقتِ من الفضلِ والحُرمةِ ما ليس لغيره مِن ساعات اليوم.

قال المؤلف - رحمه الله -: ويظهرُ لي أن يقال: إنما كان ذلك؛ لأنَّه عَقِبَ الصلاةِ الوُسطَى - كما يأتي النصُّ عليه - ولمَّا كانت هذه الصلاةُ لها مِنَ الفضلِ وعظيمِ القَدرِ أكثَرُ مما لغيرها، فينبغي لمصلِّيها أن يَظهَرَ عليه عَقبهَا من التحفُّظِ على دينه، والتحرُّزِ على إيمانِهِ أكثَرُ مما ينبغي له عَقبَ غيرها؛ لأنَّ الصلاةَ حَقُّهَا أن تَنهَى عن الفحشاء والمنكر؛ كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ، أي: تَحمِلُ على الامتناعِ عن ذلك، مما يحدُثُ في قلب المصلِّي بسببها من النُّورِ والانشراح، والخوفِ من الله تعالى والحياءِ منه؛ ولهذا أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: مَن لم تَنهَهُ صلاتُهُ عن الفحشاءِ والمُنكَرِ، لم يَزدَد مِنَ اللهِ إلا بُعدًا (١)، وإذا كان هذا في الصلواتِ كلِّها، كانتِ الوسطى بذلك أولَى، وحقُّها في ذلك أكثرَ وأوفَى؛ فمَنِ اجترَأَ بعدها على اليمينِ الغَمُوسِ التي يأكُلُ بها مالَ الغير، كان إثمُهُ أشدَّ وقلبُهُ أَفسَدَ، والله تعالى أعلم.

وهذا الذي ظهَرَ لي أَولَى مما قاله القاضي (٢) أبو الفَضل؛ فإنَّه قال: إنَّما كان


(١) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٢٥٨): رواه الطبراني في الكبير -وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة، ولكنه مدلس- من حديث ابن عباس. ورواه أيضًا من حديث ابن مسعود، ورجاله رجال الصحيح.
(٢) من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>