للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَيرٌ مِن شَاتَي لَحمٍ. فَقَالَ: هِيَ خَيرُ نَسِيكَتَيكَ، وَلَا تَجزِي جَذَعَةٌ عَن أَحَدٍ بَعدَكَ.

رواه مسلم (١٩٦١) (٥)، والترمذيُّ (١٥٠٨)، والنسائي (٧/ ٢٢٢).

* * *

ــ

لمخالفته السنة، كما قال في الحديث الآخر: (شاتك شاة لحم) (١).

قلت: وهذا من قول من لم يتأمل مساق الحديث (٢)، فإنَّ هذا التأويل ليس ملائمًا له، ولا موافقًا لمعناه؛ إذ لا يستقيم أن يقول: إن هذا اليوم اللحم فيه مخالف للسنة، وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي. وهذا فاسد. وأقرب ما يتكلّف لهذه الرواية وأنسبه: أن يقال: إن معناه: اللحم فيه مكروه التأخير. فحذف التأخير، وهو يريده. ويشهد لهذا قوله بعده متصلًا به: (وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني). وهذا مناسب لما قدَّرناه من المحذوف. والله تعالى أعلم.

و(قوله: هي خير نسيكتيك) سَمَّى ما ذبح قبل الصلاة نسيكة بحسب توهُّم الذابح وزعمه، وذلك: أنه إنما ذبحها في ذلك الوقت بنيَّة النسك، وبعد ذلك بيَّن له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنها ليست نسكًا شرعًا؛ لما قال: (من ذبح قبل الصلاة، فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النُّسك في شيء).

وقول عقبة: (قسم فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحايا فأصابني جذع، فقلت: يا رسول الله! أصابني جذع، فقال: ضحِّ به). وفي الرواية الأخرى: (عَتُود) هذه الرواية تدلُّ على أن الجذع المذكور في حديث عقبة هو من المعز، فإنَّ العَتُود إنما هو بأصل وضعه اسم لما رعى وقَوِي من أولاد المعز، وأتى عليه حول. هذا هو المعروف في اللغة، وعلى هذا: فيكون هذا الحديث معارضًا لحديث


(١) رواه البخاري (٥٥٥٧)، ومسلم (١٩٦١) (٩).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (م ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>