للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَأَصَبنَا نَهبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ، فَنَدَّ مِنهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهمٍ فَحَبَسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحشِ، فَإِذَا غَلَبَكُم مِنهَا شَيءٌ؛ فَاصنَعُوا بِهِ هكذا.

ــ

يرنو، فتحذف الواو لبناء الأمر، ويبقى ما قبلها مضمومًا على أصله، ولم يحقَّق ضبطه كذلك.

وقد ذكر الخطَّابي في هذه اللفظة أوجها محتملة لم يجئ بها تقييد عن مُعتبر، ولا صحَّت بها رواية، رأيت الإضراب عنها لعدم فائدتها، وبُعدها عن مقصود الحديث. وأثبت ما فيها رواية، وأقربه معنى مَن جعله من رؤية العين، وذلك أن اللِّيط والمروة، وما أشبههما مما ليس بمحدَّد يخاف منه ألا يكون مُجهِزًا، فإن لم يستعجل بالمرِّ لم يقطع، وربما يموت الحيوان خنقًا، فإذا استعجل في المرِّ، ورأى أن الدَّم قد سال من موضع القطع فقد تحقَّق الذبح المبيح، والله تعالى أعلم بما أراد رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

و(قوله: ما أنهر الدم) أي: ما أساله وصبَّه بكثرة. ووزنه: أفعل، من النهر. شبَّه خروج الدَّم بجري الماء في النهر. و (ما) موصولة في موضع رفع بالابتداء، وخبرها: (كُله)، ودخلت الفاء على الخبر هنا كما دخلت في قوله تعالى: {وَمَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ولا يلتفت لقول من تخيَّل أن ما أنهر الدَّم مفعوله بـ: أرني؛ لأنَّه يبقى فعله: (فكله) ضائعًا. فتأمله.

و(قوله: وأصبنا نهب إبل، وغنم، فندَّ منها بعيرٌ فرماه رجل بسهم، فحبسه) النهب: الغنيمة، ومنه قول عباس بن مرداس: أتجعل نهبي ونهب العبيد؛ أي: حظي من الغنيمة. و (ندَّ): نفر وشذَّ عن الإبل. و (قوله: إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا) الأوابد: جمع آبدة، وهي التي نفرت من الإنس، وتوحَّشت.

<<  <  ج: ص:  >  >>