للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَصَبنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَجِلَ القَومُ، فَأَغلَوا بِهَا القُدُورَ، فَأَمَرَ بِهَا فَكُفِئَت، ثُمَّ عَدَلَ عَشرًا مِن الغَنَمِ بِجَزُورٍ ... الحديث.

رواه أحمد (٤/ ١٤٠)، والبخاري (٢٥٠٧)، ومسلم (١٩٦٨) (٢١).

* * *

ــ

و(قوله: فأصبنا غنمًا وإبلًا، فعجل القوم، فأغلوا بها القدور، فأمر بها، فكفئت) اختُلفوا في سبب أمره - صلى الله عليه وسلم - بإكفاء القدور، فقيل فيه أقوال كثيرة، أشبهها قولان:

أحدهما: أنهم انتهبوها متملكين لها من غير قسمة، ولم يأخذوها بجهة القسمة العادلة، وعلى وجه الحاجة لأكلها، ويشهد لهذا قوله في بعض الروايات: (فانتهبناها).

الثاني: أن ذلك إنما كان لتركهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم، واستعجالهم للنهب، ولم يخافوا من مكيدة العدو، فحرمهم الشرع ما استعجلوه عقوبة لهم بنقيض قصدهم، كما منع القاتل من الميراث. قاله المهلب.

قلت: ويشهد لهذا التأويل مساق حديث أبي داود، فإنَّه قال فيه: وتقدم سرعان الناس، فتعجَّلوا، فأصابوا من الغنائم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الناس) (١). و (كفئت القدور): قلبت. وهذه الرواية الصحيحة المعروفة في اللغة. يقال: كفأت الإناء: قلبته وكببته. وزعم ابن الأعرابي: أن: (أكفأته) لغة.

و(قوله: ثمَّ عدل عشرًا من الغنم بجزور) يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم ما بقي من الغنيمة على الغانمين، فجعل عشرة من الغنم بإزاء جزور، ولم يحتج إلى القرعة، لرضا كل منهم بما صار إليه من ذلك. ولم يكن بينهم تشاحٌ في شيء من ذلك، والله تعالى أعلم. وكأنَّ هذه الغنيمة لم يكن فيها إلا الإبل، والغنم. ولو كان فيها غيرهما: لقوَّم جميع الغنيمة، ولقسم على القيم.


(١) رواه أبو داود (٢٨٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>