للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٩٦٢] وعنه؛ قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيفَةِ مِن تِهَامَةَ،

ــ

الذَّكاة إلا في الحلق واللَّبَّة؟ قال: (لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك) (١). قال يزيد بن هارون: هذا في الضرورة. وقال أبو داود: لا يصلح هذا إلا في المتردية، والنافرة، والمستوحش. وقد حمل ابن حبيب هذا الحديث على ما سقط في مهواة، فلا يوصل إلى ذكاته إلا بالطعن في غير موضع الذكاة. وهو قول انفرد به عن مالك، وجميع أصحابه. وقد ألزمه بعض الأصحاب مذهب المخالف، فيجيز ذلك في النادِّ، والمستوحش، وهذا إلزام صحيح؛ إذ كل واحد منهما غير مقدور على ذكاته في الحلق واللَّبَّة. وقد اعتذر أصحابنا عن هذا الحديث: بأنَّه ليس بصحيح؛ لأنَّ الترمذي قال فيه: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حمَّاد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث.

واختلفوا في اسم أبي العشراء. فقال بعضهم: اسمه: أسامة بن قِهطِم. ويقال: اسمه: يسار بن بَزرٍ، ويقال: بَلز، ويقال: اسمه عُطارد. نُسب إلى جدِّه، فهذا سند مجهولٌ، ولو سُلِّمت صحته لما كان فيه حجَّة؛ إذ مقتضاه جواز الذَّكاة في أي عضو كان مطلقًا؛ في المقدور على تذكيته وفي غيره. ولا قائل به في المقدور عليه، فظاهره ليس بمراد قطعًا. وقول يزيد وأبي داود تأويل لهما غير متفق عليه، فلا يكون فيه حجَّة. والله تعالى أعلم.

وقوله في الأم: (فرميناه بالنبل حتى وهضناه (٢)) كذا الرواية في كتاب مسلم بالواو. ومعناه: رميناه، وشدخناه حتى أسقطناه بالأرض. وفي غير كتاب مسلم: (رهصناه) بالرَّاء (٣). ومعناه: حبسناه بالرمي، وأوثقناه. يقال: رهصني فلان بحقه؛ أي: أخذني به أخذًا شديدًا.


(١) رواه أبو داود (٢٨٢٥)، والترمذي (١٤٨١).
(٢) انظر الحديث في صحيح مسلم (١٩٦٨) (٢٢).
(٣) انظر: النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>