رواه أحمد (٢/ ٢٥٣)، والبخاري (٢٣٥٨)، ومسلم (١٠٨)، وأبو داود (٣٤٧٤) و (٣٤٧٥)، والنسائي (٧/ ٢٤٧).
* * *
ــ
هذه الأزمان، فإنَّهم قد عمَّهم الغَدرُ والخِذلَان.
و(قوله: فَإِن أَعطَاهُ مِنهَا وَفَى، وَإِن لَم يُعطِهِ مِنهَا لَم يَفِ) هكذا الرواية وَفَى بتخفيفَ الفاء، ويَفِ محذوفَ الواو والياءِ مخفَّفًا، وهو الصحيحُ هنا روايةً ومعنًى؛ لأنَّه يقال: وَفَى بعهده يَفِي وَفَاءً، والوفاءُ ممدودٌ ضِدُّ الغدر، ويقال: أوفَى، بمعنى: وَفَى، وأما وَفَّى المشدَّدُ الفاءِ، فهي بمعنى توفيةِ الحَقِّ وإعطائِهِ؛ يقال: وفَّاه حَقَّهُ يُوَفِّيهِ تَوفِيَةً؛ ومنه قوله تعالى: وَإِبرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى، أي: قام بما كُلِّفَهُ مِنَ الأعمالِ؛ كخِصَالِ الفطرة وغيرها؛ كما قال الله تعالى: فَأَتَمَّهُنَّ، وحكى الجوهريُّ: أوفاه حقَّه.
قال المؤلف - رحمه الله -: وعلى هذا وعلى ما تقدَّم، فيكونُ أَوفَى بمعنى الوفاء بالعهد، وتوفيةِ الحق. والأصلُ في أَوفَى: أَطَلَّ على الشيء، وأشرَفَ عليه.
و(قوله: والمُنَفِّقُ سِلعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِب) الروايةُ في المُنَفِّق: بفتح النون وكسر الفاء مشدَّدة، وهي مضاعَفُ: نَفَقَ البِيعُ يَنفُقُ نَفَاقًا: إذا خرَجَ ونفَدَ، وهو ضدُّ كَسَدَ، غيرَ أنَّ نَفَقَ المخفَّفَ لازمٌ، فإذا شُدِّد، عُدِّي إلى المفعول، ومفعولُهُ هنا سِلعة. وقد وصَفَ الحَلِف وهي مؤنَّثة، بالكاذب وهو وصفُ مذكَّرٍ، وكأنَّه ذهب بالحلفِ مذهبَ القَول فذكَّره، أو مذهَبَ المصدر، وهو مِثلُ قولهم: أتاني كِتَابُهُ فَمَزَّقتُهَا؛ ذهب بالكتابِ مذهَبَ الصَّحِيفة، والله تعالى أعلم.