الدبيب، وهو السير الخفي اللَّين. والدَّافة: الجيش الذين يدبون إلى أعدائهم، وكأن هؤلاء ناسٌ ضعفاء فجاؤوا دافين لضعفهم من الحاجة والجوع.
و(حَضرة الأضحى) الرواية المعروفة بسكون الضاد، وهو منصوب على الظرف؛ أي: زمن حضور الأضحى، ومشاهدته. وقيَّده بعضهم: حضَرَة - بفتح الضاد - وفي الصحاح يقال: كلَّمته بحضرة من فلان، وبمحضره؛ أي: بمشهد منه. وحكى يعقوب: كلَّمته بحضَر فلان - بالتحريك من غير هاء - وكلمته بِحَضرة فلان، وحُضرته، وحِضرته.
و(قوله: يتخذون منها الأسقية، ويجملون فيها الودك) الأسقية: جمع سقاء، كالأخبية: جمع خباء. ويجملون: يذيبون. والودك: الشحم. يقال: جملت الشحم، واجتملته: إذا أذبته. وربما قالوا: أجملت. وهو قليل.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي دفَّت) ونحو ذلك قال في حديث سلمة بن الأكوع. وهذا نصٌّ منه - صلى الله عليه وسلم -: على أن ذلك المنع كان لعلَّة، ولما ارتفعت ارتفع المنع المتقدِّم؛ لارتفاع موجبه، لا لأنه منسوخ. وهذا يبطل قول من قال: إن ذلك المنع إنما ارتفع بالنسخ. لا يقال: فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (كنت نهيتكم عن ادِّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فادَّخروا). وهذا رفعٌ لحكم الخطاب الأول بخطاب متأخر عنه. وهذا هو حقيقة النسخ؛ لأنَّا نقول: هذا لَعمرُ الله! ظاهر هذا الحديث، مع أنه يحتمل أن يكون ارتفاعه بأمر آخر غير النسخ، فلو لم يَرِد لنا نصٌّ بأن المنع من الادِّخار ارتفع لارتفاع علّته؛ لما عدلنا عن ذلك الظاهر، وقلنا: هو نسخ، كما قلناه في زيارة القبور، وفي الانتباذ بالحنتم المذكورين معه في حديث