للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا.

رواه أحمد (٦/ ١٢٧ و ١٢٨)، والبخاريُّ (٥٤٢٣)، ومسلم (١٩٧١) (٢٨)، وأبو داود (٢٨١٢)، والترمذيُّ (١٥١١)، والنسائي (٧/ ٢٣٥).

ــ

بريدة المتقدِّم في باب: الجنائز (١)، لكن النص الذي في حديث عائشة رضي الله عنها في التعليل بين: أن ذلك الرفع ليس للنسخ، بل لعدم العلة، فتعين ترك ذلك الظاهر، والأخذ بذلك الاحتمال لعضد النص له. والله تعالى أعلم.

تنبيه: الفرق بين رفع الحكم بالنسخ، ورفعه لارتفاع علته: أن المرفوع بالنسخ لا يحكم به أبدًا، والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود العلة. فلو قدم على أهل بلدة ناسٌ محتاجون في زمان الأضحى، ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعةٌ يسدُّون بها فاقاتهم إلا الضحايا، لتعيَّن عليهم: ألا يدَّخروها فوق ثلاث، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي هذا الحديث أبواب من أصول الفقه. وهو: أن الشرع يراعي المصالح، ويحكم لأجلها، ويسكت عن التعليل، ولما تصفح العلماء ما وقع في الشريعة من هذا؛ وجدوه كثيرًا، بحيث حصل لهم منه أصل كلِّي وهو: أن الشارع مهما حكم فإنما يحكم لمصلحة، ثم قد يجدون في كلام الشارع ما يدلّ عليها، وقد لا يجدون، فيسبرون أوصاف المحل الذي يحكم فيه الشرع حتى يتبيَّن لهم الوصف الذي يمكن أن يعتبره الشرع بالمناسبة، أو لصلاحيَّته لها، فيقولون: الشرع يحكم بالمصلحة، والمصلحة لا تعدو أوصاف المحل (٢)، وليس في أوصافه ما يصلح للاعتبار إلا هذا، فتعيَّن. وقد بيَّنا هذا في الأصول. والحمد لله.

و(قوله: فكلوا، وادَّخروا، وتصدَّقوا) هذه أوامر وردت بعد الحظر، فهل


(١) انظر الحديث في التلخيص.
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>