للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَو قَطَعَهُ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَم يَأمُرنَا أَن نَكسُوَ الحِجَارَةَ وَالطِّينَ.

ــ

ذلك، لكن كره مالك شراء الرجل لها لأولاده؛ لأنَّه ليس من أخلاق أهل المروءات والفضل، غير أن المشهور فيما لا يبقى: المنع. وأما ما كان رقمًا، أو صبغًا مما ليس له ظل: فالمشهور فيه الكراهة.

وقولها: (فجذبه حتى هتكه) يدل على أن ما صنع على غير الوجه المشروع لا مالية له، ولا حرمة، وأن من كسر شيئًا منها، وأتلف تلك الصورة لم يلزمه ضمان.

و(قوله: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين) يفهم منه: كراهة ستر الحيطان بالستر؛ لأنَّ ذلك من السَّرف، وفضول زهرة الدنيا؛ التي نهى الله تعالى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمد عينيه إليها بقوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلَى مَا مَتَّعنَا بِهِ أَزوَاجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا} ولذلك قال في الرواية الأخرى: (فإني كلما دخلت ذكرت الدنيا) وهذا الستر هو الذي كان يصلِّي إليه، وكانت صوره تعرض في صلاته، كما قال البخاري: (فإنَّه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي).

ويفيد مجموع هذه الروايات: أن هتك هذا السِّتر إنما كان بعد تكرار دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - ورؤيته له، وصلاته إليه، فلما بين له حكمه امتنع مرَّة (١) من دخول البيت حتى هتكه. وقد فعل سلمان الفارسي - رضي الله عنه - نحو هذا لما تزوَّج الكندية، وجاء ليدخل بها، فوجد (٢) حيطان البيت قد سترت، فلم يدخل، وقال منكرًا لذلك: (أمحموم بيتكم! أم تحوَّلت الكعبة في كندة) فأزيل كل ذلك. ودعا ابن عمر أبا أيوب، فرأى سترًا على الجدار. فقال: ما هذا؟ فقال: غلبنا عليه النساء، فقال: من كنت أخشى عليه، فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لك


(١) زيادة من (ل ١) و (م ٢).
(٢) في (ل ١): فرأى.

<<  <  ج: ص:  >  >>