للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَا إِنَّهُ مِن أهل النَّارِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أَنَا صَاحِبُهُ أَبَدًا، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ، كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسرَعَ أَسرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرحًا شَدِيدًا، فَاستَعجَلَ المَوتَ، فَوَضَعَ نَصلَ سَيفِهِ بِالأَرضِ، وَذُبَابَهُ بَينَ ثَديَيهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيفِهِ فَقَتَلَ نَفسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَشهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرتَ آنِفًا أَنَّهُ مِن أهل النَّارِ، فَأَعظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلتُ: أَنَا لَكُم بِهِ، فَخَرَجتُ فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرحًا شَدِيدًا، فَاستَعجَلَ المَوتَ، فَوَضَعَ نَصلَ سَيفِهِ بِالأَرضِ، وَذُبَابَهُ بَينَ ثَديَيهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيهِ فَقَتَلَ نَفسَهُ،

ــ

فَإِنَّ اللُّؤمَ فِي الأَقوَامِ عَارٌ ... وَإِنَّ المَرءَ يَجزَى بِالكُرَاعِ

وفلانٌ، قيل: هو قُزمَان. ونَصلُ السيف: حديدتُهُ كلُّها، وأنشدوا:

كالسَّيفِ سُلَّ نَصلُهُ مِن غِمدِهِ ... . . . . . . . . . . . . . .

ويقال عليها: مُنصُلٌ، والمرادُ بالنَّصل في هذا الحديث: طَرَفُ النَّصلِ الأسفلُ الذي يسمَّى: القَبِيعة، والرئاس. وذُبَابُهُ: طَرَفُهُ الأعلى المحدَّدُ المهلَّل، وظبَتَاهُ وغَربَاه: حَدَّاهُ، وصدرُ السيفِ: مِن مَقبِضه إلى مَضرِبه، ومَضرِبُهُ: موقعُ الضَّرب منه، وهو دون الذُّبَاب بِشِبرٍ.

و(قوله: فَأَعظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ) أي: عظَّموه وكَبُرَ عليهم؛ وإنما كان ذلك؛ لأنَّهم نظروا إلى صورةِ الحال، ولم يعرفوا الباطنَ ولا المآل، فأعلَمَ العليمُ الخبيرُ البشيرَ النذيرَ بمُغَيَّبِ الأمرِ وعاقبتِه، وكان ذلك مِن أدلَّةِ صِدقِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - وصِحَّةِ رسالتِه، ففيه التنبيهُ على تركِ الاِعتمادِ على الأعمال، والتعويلُ على فضلِ ذي العزَّةِ والجلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>