للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِندَ ذَلِكَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بعَمَل أهل الجَنَّةِ - فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ - وهو مِن أهل النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بعَمَل أهل النَّارِ - فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ - وهو مِن أهل الجَنَّةِ.

رواه أحمد (٤/ ١٣٥)، والبخاري (٤٢٠٢)، ومسلم (١١٢).

ــ

و(قوله: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بِعَمَلَ أهل الجَنَّةِ فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ) دليلٌ على أنَّ ذلك الرجُلَ لم يكن مخلصًا في جهاده، وقد صرَّحَ الرجلُ بذلك فيما يروى عنه أنَّه قال: إِنَّمَا قَاتَلتُ عَن أَحسَابِ قَومِي، فيتناول هذا الخَبَرُ أهلَ الرياء. فأمَّا حديثُ أبي هريرة الذي قال فيه: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أهل الجَنَّةِ، ثُمَّ يُختَمُ لَهُ بِعَمَلِ أهل النَّارِ فَيَدخُلُهَا (١): فإنَّما يتناوَلَ مَن كان مخلصًا في أعمالِهِ، قائمًا بها على شروطها، لكن سبَقَت عليه سابقةُ القدر، فبدَّل به عند خاتمته؛ كما يأتي بحقيقته في كتاب القدر، إن شاء الله تعالى.

و(قوله - عليه الصلاة والسلام -: اللهُ أَكبَرُ! أَشهَدُ أَنِّي عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ عند وقوعِ ما أخبَرَ به من الغيب؛ دليلٌ على أنَّ ذلك مِن جملة معجزاته، وإن لم يقترن بها في تلك الحالِ تَحَدٍّ قوليٌّ؛ وهذا على خلافِ ما يقولُهُ المتكلِّمون: أنَّ مِن شروطِ المعجزةِ اقترانَ التحدِّي القَولِيِّ بها، فإن لم تكن كذلك، فالخارقُ كرامةٌ لا مُعجِزةٌ، والذي ينبغي أن يقال: إنَّ ذلك لا يشتَرَطُ؛ بدليلِ أنَّ الصحابةَ - رضي الله عنهم - كانوا كُلَّما ظهَرَ لهم خارقٌ للعادة على يَدَيِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، استدلُّوا بذلك على صِدقِهِ وثبوتِ رسالته، كما قد اتَّفَقَ لعمر حين دعا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على قليلِ الأزوادِ، فكَثُرَت فقال عند ذلك: أَشهَدُ أن لَا إِلَهَ إلا الله، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ (٢)، وكقول


(١) رواه مسلم (٢٦٥١).
(٢) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٣٠٤): رواه أبو يعلى (٢٣٠) وفيه عاصم بن عبيد الله العمري، وثقه العجلي، وضعْفه جماعة، وبقيّة رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>