للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨٩] وَفِي رِوَايَةٍ: فَأُخبِرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ، فَقَالَ: اللهُ أَكبَرُ! أَشهَدُ أَنِّي عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالاً فَنَادَى فِي النَّاسِ: إنَّهُ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَاّ نَفسٌ مُسلِمَةٌ، وَإِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ.

رواه أحمد (٢/ ٣٠٩ - ٣١٠)، والبخاري (٤٢٠٣)، ومسلم (١١١) من حديث أبي هريرة.

ــ

أسامةَ بنِ زيد - رضي الله عنه -، وبدليل الاِتِّفاقِ على نَبعَ الماء مِن بين أصابعه، وتسبيحَ الحصَى في كَفِّه، وحَنِينَ الجِذع مِن أظهر معجزاته، ولم يصدُر عنه مع شيءٍ مِن ذلك تحدٍّ بالقولِ عند وقوعِ تلك الخوارق، ومع ذلك فَهِيَ معجزاتٌ. والذي ينبغي أن يقال: إنَّ اقترانَ القولِ لا يلزم، بل يكفي مِن ذلك قولٌ كليٌّ يتقدَّم الخوارقَ؛ كقولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: الدليلُ على صِدقِي ظهورُ الخوارق على يَدَيَّ؛ فإنَّ كُلَّ ما يظهَرُ على يَدَيه منها بعد ذلك يكونُ دليلاً على صِدقه وإن لم يقترن بها واحدًا واحدًا قولٌ. ويمكنُ أن يقال: إنَّ قرينةَ حاله تدلُّ على دوامِ التحدِّي، فيتنزَّلُ ذلك منزلةَ اقترانِ القول، والله أعلم.

و(قوله: فَنَادَى فِي النَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَاّ نَفسٌ مُسلِمَةٌ) أي: مؤمنة (١)؛ لأنَّ الإسلام العَرِيَّ عن الإيمانِ لا يَنفَعُ صاحبَهُ في الآخرة، ولا يُدخِلُهُ الجَنَّة؛ وذلك بخلافِ الإيمان: فإنَّ مجرَّده يَدخُلُ صاحبُهُ الجنَّةَ وإن عُوقِبَ بتركِ الأعمال على ما سنذكرُهُ إن شاءَ اللهُ تعالى؛ فدلَّ هذا على أنَّ هذا الرجُلَ كان مُرَائِيًا منافقًا؛ كما تقدَّم.

ومما يدلّ على ذلك أيضًا: قولُهُ - عليه الصلاة والسلام -: إنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ (٢)، وهو الكافر؛ كما قال: وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا. ويؤيِّد: يُقَوِّي ويَعضُدُ. وأَمرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بلالاً أن يُنادِيَ بذلك


(١) ساقط من (ع).
(٢) رواه البخاري (٦٦٠٦) ومسلم (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>