للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٠] وَعَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ خَيبَرَ، أَقبَلَ نَفَرٌ مِن صَحَابَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَلَاّ! إِنِّي رَأَيتُهُ فِي النَّارِ، فِي بُردَةٍ غَلَّهَا، أو عَبَاءَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَا ابنَ الخَطَّابِ، اذهَب فَنَادِ فِي

ــ

القولِ، إنَّما كان تنبيهًا على وجوبِ الإخلاصِ في الجهادِ وأعمالِ البِرِّ، وتحذيرًا من الرِّيَاءِ والنفاق.

و(قوله: حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ) هذا الرجلُ هو المسمَّى مِدعَم، وكان عبدًا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَينَا هو يَحُطُّ رحلَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ أصابه سهمٌ، فقال الناس: هنيئًا له الجَنَّةُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلامَ.

وكَلَاّ: رَدعٌ وزجر. والغُلُول: الخيانةُ في المَغنَم؛ يقالُ منه: غَلَّ بفتح الغين، يَغُلُّ بضمها في المضارع؛ قال ابن قتيبة وغيره: الغُلُولُ: من الغَلَل، وهو الماءُ الجاري بين الأشجار؛ فكأنَّ (١) الغالَّ سمِّي بذلك؛ لأنَّه يُدخِلُ الغلولَ على أثناءِ راحلته، فأمَّا الغِلُّ، بكسر الغين: فهو الحِقدُ والشَّحناء.

والبُردَة: كساءٌ أسودُ صغيرٌ مربَّع يلبسُهُ الأعراب؛ قاله الجوهري، وقال غيره: هي الشَّملَةُ المخطَّطة، وهي كساءٌ يُؤتَزَرُ به. والعباءة ممدود: الكِسَاء.

و(قوله: إِنِّي أُرِيتُهُ فِي النَّارِ) ظاهره: أنَّها رؤيةُ عِيَانٍ ومشاهدة، لا رؤية منام؛ فهو حُجَّةٌ لأهل السُّنَّة على قولهم: إنَّ الجَنَّةَ والنار قد خُلِقَتَا ووُجِدَتَا. وفيه: دليلٌ على أنَّ بعضَ مَن يُعَذَّبُ في النار يدخلُهَا ويعذَّبُ فيها قبلَ يوم القيامة.

ولا حُجَّةَ فيه للمُكَفِّرة بالذنوب؛ لأنَّا نقولُ: إنَّ طائفةً مِن أهلِ التوحيدِ يَدخُلُون النارَ بذنوبهم، ثُمَّ يَخرُجون منها بتوحيدهم، أو بالشفاعةِ لهم؛ كما سيأتي في الأحاديثِ الصحيحة، ويجوزُ أن يكونَ هذا الغالّ منهم، والله تعالى أعلم.


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>