للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَائِشَةُ: فَأُنِزَلَ الحِجَابُ.

رواه البخاريُّ (١٤٦)، ومسلم (٢١٧٠) (١٨).

ــ

أن يحمل ذلك على أن بعض الرواة ضمَّ قصة إلى أخرى، والأول أولى؛ فإنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقع في قلبه نفرة عظيمة، وأنفة شديدة من أن يطلع أحدٌ على حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صرح له بقوله: احجب نساءك؛ فإنَّهن يراهن البر والفاجر. ولم يزل ذلك عنده إلى أن نزل الحجاب وبعده. فإنه كان قصده: ألا يخرجن أصلًا، فأفرط في ذلك فإنَّه مفض إلى الحرج والمشقة، والإضرار بهن، فإنَّهن محتاجات إلى الخروج، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تأذَّت بذلك سودة: (قد أذن لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكنَّ).

و(قوله: فأنزل الحجاب) أي: آية الحجاب؛ وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَن يُؤذَنَ لَكُم} إلى قوله: {وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} كذلك روي عن أنس وابن مسعود - رضي الله عنهما -؛ غير أن هذا يتوجَّه عليه إشكال، وهو: أن حديث أنس وابن مسعود (١) يقتضي: أن سبب نزولها هو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أعرس بزينب اجتمع عنده رجال فجلسوا في بيته، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط، فأطالوا المجلس حتى ثقلوا عليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢). وحديث عائشة يقتضي أن الحجاب إنَّما نزل بسبب قول عمر: احجب نساءك. ويزول ذلك الإشكال بأن يقال: إن الآية نزلت عند مجموع السَّببين. فيكون عمر قد تقدَّم قوله: احجب نساءك، وكرر ذلك عليه إلى أن اتفقت قصة بناء زينب، فصدقت نسبة نزول الآية لكل واحد من ذينك السَّببين.


(١) ما بين حاصرتين سقط من (م ٢).
(٢) رواه مسلم (١٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>