للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِن أَصحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، وَاللَّهِ، لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ. قَالَت: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أَحرَقتَهُ؟ قَالَ: لَا، أَمَّا أَنَا فَقَد عَافَانِي اللَّهُ، وَكَرِهتُ أَن أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، فَأَمَرتُ بِهَا فَدُفِنَت.

رواه أحمد (٦/ ٦٣)، والبخاري (٣١٧٥ و ٥٧٦٦)، ومسلم (٢١٨٩) (٤٣).

* * *

ــ

و(قوله: والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين) فيه دليل: على جواز اليمين وإن لم يستحلف. ونقاعة الحنَّاء: الماء الذي يخرج فيه لونها إذا نقعت فيه. وتشبيهه نخلها برؤوس الشياطين يعني: أنَّها مستكرهة، مستقبحة المنظر، والمخبر. وهذا على عادة العرب إذا استقبحوا شيئًا شبهوه بأنياب أغوال، أو رؤوس الشياطين. وقد تقدَّم نحو هذا. ويعني - والله أعلم -: أن هذه الأرض التي فيها النخل والبئر خراب لا تعمر لرداءتها، فبئرها معطلة، ونخلها مشذَّبةٌ (١)، مهملة، وتغيُّر ماء البئر: إما لطول إقامته، وإما لما خالطه مما أُلقي فيه.

وقولها: (أفلا أحرقته) كذا صحَّت الرواية. وتعني به: السِّحر. ووقع في بعض النُّسخ: (أخرجته) كذا بدل (أحرقته) وهي أصوب؛ لأنَّها هي التي تناسب قوله: (لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًّا) أي: بإخراج السِّحر من البئر، فلعلَّه يعمل به، أو يضر أحدًا.

و(قوله: فأمرت بها فدفنت) أي: بالبئر؛ يعني: أنها ردمت على السحر الذي فيها؛ لما يخاف من ضرر السِّحر، ومن ضرر ماء ذلك البئر. هذا معنى ما ذكره بعض الشارحين لهذا الحديث. ووقع في رواية في الأم: قالت عائشة


(١) أي: مقطوعة الأغصان ومقشرة اللحاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>