وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ أَعتَقَ فِي الجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، ثُمَّ أَعتَقَ فِي الإِسلَامِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -. . . فَذَكَرَ نَحوَهُ.
رواه أحمد (٣/ ٤٠٢ و ٤٣٤)، والبخاري (٢٥٣٨)، ومسلم (١٢٣).
* * *
ــ
معناه: إنَّك اكتسبتَ طِباعًا جميلةً، وخُلُقًا حسنةً في الجاهلية، أَكسَبَتكَ خُلُقًا جميلةً في الإسلام. وقيل: اكتسَبتَ بذلك ثناءً جميلاً، فهو باقٍ عليك في الإسلام. وقيل: معناه: ببركةِ ما سبَقَ لك مِن خيرٍ، هداك الله للإسلام. وقال الحَربِيُّ: ما تقدَّم لك مِنَ الخير الذي عَمِلتَهُ هو لك؛ كما تقول: أَسلَمتُ على ألفِ درهم، أي: على أَن أُحرِزها لنفسه.
قال المؤلف - رحمه الله -: وهذا الذي قاله الحَربِيُّ هو أشبهها وأَولَاها، وهو الذي أَشَرنا إليه في الترجمة، والله تعالى أعلم.
وفي هذا الحديثِ - أعني حديثَ عمرو بن العاصي - فوائد:
ومنها: أنَّ الميِّت تُرَدُّ عليه رُوحُهُ، ويَسمَعُ حِسَّ مَن هو على قبره، وكلامَهُم، وأنَّ الملائكةَ تسألُهُ في ذلك الوقت. وهذا كلُّه إنما قاله عمرو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ مِثله لا يُدرَكُ إلا مِن جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فينبغي أن يُرشَدَ الميِّتُ في قبره حين وَضعِهِ فيه إلى جوابِ السؤال، ويُذكَّرَ بذلك، فيقال له: قُلِ: اللهُ ربِّي، والإسلامُ ديني، ومحمَّدٌ رسولي؛ فإنَّه عن ذلك يُسأَلُ كما جاءَت به الأحاديث