للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: فَقَالَ إِنَّ أَخِي عَرِبَ بَطنُهُ! فَقَالَ لَهُ: اسقِهِ عَسَلًا - نحو ما تقدم.

رواه أحمد (٣/ ٩٢)، والبخاريُّ (٥٦٨٤)، ومسلم (٢٢١٧) (٩١)، والترمذي (٢٠٨٣).

* * *

ــ

الحديث، ولأنه ليس في الآية ذكرٌ لغيره - وهو قول ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتادة، وقال مجاهد: هو عائد إلى القرآن. والأوَّل أولى لما ذكرناه.

قلت: ومقتضى الآية أن العسل فيه شفاء ما، لا كلُّ شفاء؛ لأنَّ شِفَاءٌ نكرة في سياق الإثبات، ولا عموم فيها باتفاق أهل اللِّسان ومحققي أهل الأصول، لكن قد حملتها طائفة من أهل الصدق والعزم على العموم فكانوا يستشفون بالعسل من كل الأوجاع والأمراض، وكانوا يستشفون من عللهم ببركة القرآن وبصحة التصديق والإيقان، وقد كان ابن عمر - رضي الله عنهما - لا يشكو قرحة ولا شيئًا إلا جعل عليه عسلًا، حتى الدُّمَّلَ إذا خرج عليه طلاه عسلًا، فقيل له في ذلك، فقال: أليس الله سبحانه يقول: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}؟ وروي أن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - مرض، فقيل له: ألا نعالجك؟ فقال: ائتوني بماء، فإنَّ الله تعالى يقول: {وَنَزَّلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} ثم قال: ائتوني بعسل، فإنّ الله يقول: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم قال: ائتوني بزيت، فإنَّ الله تعالى يقول: {مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ} فجاؤوه بذلك كله، فخلطه جميعًا ثم شربه فبرأ. وحكى النقَّاش عن أبي وجرة أنه كان يكتحل بالعسل، ويستمشي (١) بالعسل، ويتداوى بالعسل - فهذا كله عمل بمطلق القرآن الكريم، وأصله صدق النية وصحة الإيمان.


(١) أي: يستعمل العسلَ لإطلاق البطن وتسهيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>