للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي أخرى: الرُّؤيَا الصَّالِحَةُ مِن اللَّهِ، ورؤيَا السَّوءُ مِن الشَّيطَانِ، فَمَن رَأَى رُؤيَا يَكَرِهَ مِنهَا شَيئًا فَليَنفُث عَن يَسَارِهِ، وَليَتَعَوَّذ بِاللَّهِ مِن

ــ

معرفة ما لم يُنصَب له عليه دليل عقلي، ولا حسي، ولا مركب منهما، إلا أن يخبر بذلك صادق، وهو الذي دلَّ الدليل القطعي على صدقه، وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنَّهم دلت على صدقهم دلائل المعجزات. وإذا كان كذلك: فسبيلنا أن نعرض عن أحوال المعرضين، ونتشاغل بالبحث عن ذلك في كلام الشارع والمتشرعين.

قال الإمام أبو عبد الله (١): المذهب الصحيح ما عليه أهل السُّنَّة، وهو: أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات، كما يخلقها في قلب اليقظان. وهو تبارك اسمه يفعل ما يشاء، وما يمنعه من فعله نوم، ولا يقظة، وكأنه سبحانه جعل هذه الاعتقادات علمًا على أمور أخر يخلقها في ثاني حال، أو كان قد خلقها.

وقال غيره: إن لله تعالى ملكًا موكلًا يعرض المرئيَّات على المحل المدرك من النائم، فيمثل له صورًا محسوسة، فتارة تكون تلك الصور أمثلة موافقة لما يقع في الوجود، وتارة تكون أمثلة لمعان معقولة غير محسوسة. وفي الحالتين تكون مبشرة ومنذرة.

قلت: وهذا مثل الأول في المعنى، غير أنه زاد فيه قضية المَلَك، ويحتاج في ذلك إلى توقيف من الشرع، إذ يجوز أن يخلق الله تعالى تلك التمثيلات من غير مَلَك.

وقيل: إن الرؤيا إدراك أمثلة منضبطة في التخيل جعلها الله إعلامًا على ما كان، أو يكون، [وهو أشبهها] (٢). فإنَّ قيل: كيف يقال: إن الرؤيا إدراك مع أن


(١) انظر: المعلم بفوائد مسلم (٣/ ١١٥).
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>