للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَأُحِبُّ القَيدَ، وَأَكرَهُ الغُلَّ، وَالقَيدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ. قال أيوب: فَلَا أَدرِي هُوَ فِي الحَدِيثِ أَم قَالَهُ ابنُ سِيرِينَ.

رواه أحمد (٢/ ٢٣٣ و ٢٦٩)، والبخاريُّ (٧٠١٧)، ومسلم (٢٢٦٣)، وأبو داود (٥٠١٩)، وابن ماجه (٣٩١٧).

* * *

ــ

لها، فإنها من ألقيات الشيطان التي يقصد بها التشويش على المؤمن، إما بتحزين، وإما بترويع، أو ما أشبه ذلك. وفعل ما ذكر كاف في دفع ذلك، ومانع من أن يعود الشيطان لمثل ذلك، وهذا هو الذي فهمه أبو سلمة من الحديث، والله تعالى أعلم، فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل عليَّ من الجبل، فما أباليها. وفي أصل كتاب مسلم قال: كنت أرى الرؤيا أعرى لها (١)، غير أني لا أزَّمَّل، أي: تصيبني العرواء، وهي الرعدة. وقال في رواية أخرى: إن كنت لأرى الرؤيا فتمرضني غير أنِّي لا أزَّمَّل لها. والتزميل: اللف، والتَّدثير، يعني: أنها ما كانت تدوم عليه فيحتاج إلى أن يدَّثَّر، لكنه بنفس ما كان يفعل ما أمر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النفث والتعوُّذ وغيره يزول عنه ذلك، ببركة الصدق، والتصديق، والامتثال. وفائدة هذا: ألا يشغل الرائي نفسه بما يكره في نومه، وأن يعرض عنه، ولا يلتفت إليه، فإنَّه لا أصل له. هذا هو الظاهر من الأحاديث، والله أعلم.

و(قوله: وأحبُّ القيد، وأكره الغُلَّ. . . إلى آخره) ظاهره: أنه من قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير أن أيوب السختياني هو الذي روى هذا الحديث عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وقد أخبر عن نفسه: أنه شكَّ هل هو من قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو من قول ابن سيرين، فلا يعوَّل على ذلك الظاهر، غير أن هذا المعنى صحيح في العبارة لأن


(١) في صحيح مسلم: منها. ومعنى أعرى منها: أي أحمُّ بخوفي من ظاهرها في معرفتي.
يُقال: عُرِي الرجل يُعرى: إذا أصابه عراء، وهو نفض الحمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>