للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذا رَأَى أَحَدُكُم مَا يَكرَهُ فَليَقُم فَليُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّث بِهَا النَّاسَ،

ــ

والله تعالى هو الفاعل بالحقيقة. وهو مذهب المسلمين، فهو الحق. وإن قالوا: إن الطبيعة تفعل ذلك بذاتها، حكمنا بتكفيرهم، وانتقل الكلام إلى علم الكلام.

والثاني: أن من أراد منهم أن الرؤيا لا تكون إلا عن الأخلاط، فهو باطل بما قد ثبت عن الصادق فيما ذكرناه من الأحاديث: أن الرؤيا منها ما يكون من الله، وهي المبشرة، والمحذرة. وهذا من باب الخير، وليس في قوة الطبيعة أن تطلع على الغيب بالإخبار عن أمور مستقبلة تقع في المستقبل على نحو ما اقتضته الرؤيا بالاتفاق بين العقلاء. ومن أراد منهم: أن الأخلاط قد تكون سببًا لبعض المنامات، فقد يسلم ذلك على ما قرَّرناه، ثمَّ يبقى نظر آخر، وهو أنه لو كان ما رتبوه صحيحًا للزم عليه ألا يرى من غلب عليه خلط من تلك الأخلاط إلا ما يناسبه، ونحن نشاهد خلافه، فيرى البلغمي النيران، والصعود في الارتفاعات، وعكس ذلك في الصفراوي، فبطل ما قالوه بالمشاهدة، والله وليُّ المعاضدة.

و(قوله: فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل) ليس هذا مخالفًا لقوله في الرواية الأخرى: فلينفث عن يساره ثلاثًا، وليتعوَّذ بالله من شرِّها، وليتحوَّل عن جنبه الذي كان عليه، وإنما الأمر بالصلاة زيادة، فينبغي أن تزاد على ما في هذه الرواية، فيفعل الجميع. ويحتمل أن يقال: إنما اقتصر في هذا الموضع على ذكر الصلاة وحدها، لأنَّه إذا صلَّى تضمَّن فعله للصلاة جميع تلك الأمور، لأنَّه إذا قام إلى الصلاة تحوَّل عن جنبه، وإذا تمضمض نفث وبصق، وإذا قام إلى الصلاة تعوَّذ ودعا، وتفرغ لله تعالى في ذلك في حالٍ هي أقرب الأحوال إجابة، كما قدَّمناه، والله تعالى أعلم.

و(قوله: ولا يخبر بها أحدًا (١)) أي: لا يعلق نفسه بتأويلها، إذ لا تأويل


(١) في التلخيص: ولا يحدث بها الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>