للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من رأى منكم رؤيا فليقصها أعبرها؟ قال فجاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رأيت ظُلَّةً تَنطِفُ السَّمنَ وَالعَسَلَ، فَإذا النَّاس يَتَكَفَّفُونَ مِنهَا بِأَيدِيهِم، فَالمُستَكثِرُ وَالمُستَقِلُّ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلًا مِن السَّمَاءِ إِلَى الأَرضِ، فَأَرَاكَ أَخَذتَ بِهِ فَعَلَوتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِن بَعدِكَ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانقَطَعَ بِهِ، ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا. قَالَ أَبُو بَكرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنتَ وأمي وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَلَأَعبُرَهَا، قَالَ

ــ

و(قوله: فليقصَّها أَعبُرها) أي: ليذكر قصتها وليتتبع جزئياتها حتى لا يترك منها شيئًا، مأخوذ من: قصصت الأثر: إذا تتبعته. وأعبرها، أي: أعتبرها وأفسرها. ومنه قوله تعالى: {إِن كُنتُم لِلرُّؤيَا تَعبُرُونَ} وأصله من عبرت النهر: إذا جُزتُ من إحدى عُدوتيه إلى الأخرى.

والظُّلة: السَّحابة التي تظلل من تحتها. وتنطف: تقطر. والنطفة: القطرة من المائع. ويتكففون: يأخذون بأكفهم، ويحتمل أن يكون معناه: يأخذون من ذلك كفايتهم. وهذا أليق بقوله: فالمستكثر من ذلك والمستقل. والسبب: الحبل.

و(قوله: بأبي أنت وأمي) أي: مَفدِيٌّ من المكاره والمساوئ.

و(قوله: والله لتدعني فلأعبرها) هذه الفاء: زائدة. وأعبرها منصوب بلام كي، ويصح أن تكون لام الأمر فتجزم، ولا تكون لام القسم لما يلزم من فتحها، ومن دخول النون في فعلها.

وفيه من الفقه: جواز الحلف على الغير، وإبرار الحالف، فإنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجاب طَلِبَتَه، وأبرَّ قسمه، فقال له: اعبُر. ويدل على تمكُّن أبي بكر من علم عبارة الرؤيا.

ووجه عبارة أبي بكر لهذه الرؤيا واضحة، ومناسباتها واقعة، غير أن

<<  <  ج: ص:  >  >>