و(قوله: ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح، واجتماع المؤمنين) يعني به - والله أعلم - ما صنع الله لهم بعد أحد، وذلك: أنهم لم ينكلوا عن الجهاد، ولا ضعفوا، ولا استكانوا لما أصابهم يوم أحد، لكن جدَّدوا نياتهم، وقوَّوا إيمانهم وعزماتهم، واجتمعت على ذلك جماعاتهم، وصحَّت في ذلك رغباتهم، فخرجوا على ما بهم من الضعف والجراح فغزوا غزوة حمراء الأسد مستظهرين على عدوهم بالقوة والجلد، ثم فتح الله تعالى عليهم، ونصرهم في غزوة بني النضير، ثم في غزوة ذات الرِّقاع، ثم لم يزل الله تعالى يجمع المؤمنين، ويكثرهم، ويفتح عليهم إلى بدر الثانية، وكانت في شعبان من السنة الرابعة من الهجرة، وبعد تسعة أشهر ونصف شهر من أحد، فما فتح الله عليه به في هذه المدة هو المراد هنا كما يأتي.
و(قوله: ورأيت فيها أيضًا بقرًا، والله خيرٌ) الضمير في فيها عائد على الرؤيا المذكورة. والرواية المشهورة برفع الله - و- خير على الابتداء والخبر، أي: ثواب الله خيرٌ للنفر المقتولين بالشهادة، ولمن أصيب بهم بأجر المصيبة، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: ورأيت والله بقرًا تنحر. على إعمال رأيت في بقرًا) وعلى خفض اسم الله تعالى على القسم. وهكذا روى الخبر ابن هشام. وسمِّي ذلك خيرًا على جهة التفاؤل.
قلت: والأول أوضح، وأبعد من الاعتراض.
و(قوله: فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد) يحتمل أن يكون أخذ النفر من لفظ: بقر- مصحفًا - إذ لفظهما واحد، وليس بينهما إلا اختلاف النقط، فيكون هذا تنبيهًا على طريق خامس في طريق العبارة المتقدِّمة. ويحتمل أن يكون