للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال غير ابن إسحاق: ولما استفحل أمر مسيلمة قدم المدينة في بشر كثير، ونزل على عبد الله بن أُبي، فجاءه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر ابن عباس، وفي غير حديث ابن عباس: أن مسيلمة جاء إلى (١) النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي حديث آخر: أن مسيلمة كان في ظهر القوم، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأل عنه.

قلت: فيحتمل أن يكون هذا اختلاف أحوال في قَدمةٍ واحدة قِدِمها مسيلمة المدينة، وعند بلوغ قدومه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأل عنه، ثمَّ بعد ذلك جاء كل واحد منهما إلى الآخر، فاجتمعا بموضع غير موضعيهما. وهذا الاحتمال أقرب من احتمال أن يكون مسيلمة قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاث مرات.

ثم إن مسيلمة رجع إلى اليمامة على حالته تلك، إلى أن توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعظم أمر مسيلمة، وأطبق أهل اليمامة عليه، وارتدُّوا عن الإسلام، وانضاف إليهم بشرٌ كثير من أهل الردَّة، وقويت شوكتهم، فكاتبهم أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كُتبًا كثيرة يعظهم، ويذكرهم، ويحذرهم، وينذرهم إلى أن بعث لهم كتابًا مع حبيب بن عبد الله الأنصاري، فقتله مسيلمة، فعند ذلك عزم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ على قتالهم والمسلمون، فأمر أبو بكر خالد بن الوليد رضي الله عنهما، وتجهز الناس، وعقد الراية لخالد، وصاروا إلى اليمامة، فاجتمع لمسيلمة جيش عظيم، وخرج إلى المسلمين، فالتقوا، وكانت بينهم حروب عظيمة لم يسمع بمثلها، واستشهد فيها من قرَّاء القرآن خلق كثير، حتى خاف أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما أن يذهب من القرآن شيء لكثرة من قتل هناك من القراء، ثم إن الله تعالى ثبَّت المسلمين، وقتل الله تعالى مسيلمة اللعين على يدي وحشي قاتل حمزة، ورماه بالحربة التي قتل بها حمزة، ثم دفَّف (٢) عليه رجل من الأنصار،


(١) ليست في (ج ٢).
(٢) أي: جرحه جرحًا مميتًا وأجهز عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>