للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المَرأَةَ عَن حَدِيقَتِهَا: كَم بَلَغَ ثَمَرُهَا؟ فَقَالَت: عَشَرَةَ أَوسُقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مُسرِعٌ فَمَن شَاءَ مِنكُم فَليُسرِع مَعِيَ، وَمَن شَاءَ فَليَمكُث، فَخَرَجنَا حَتَّى أَشرَفنَا عَلَى المَدِينَةِ، فَقَالَ: هَذِهِ طَابَةُ وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ خَيرَ دُورِ الأَنصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبدِ الأَشهَلِ،

ــ

به البلد، والبحار: القرى، وقد تقدم. وكأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقطعه بعض تلك البلاد، كما قد أقطع تميمًا الداري ـ رضي الله عنه ـ بلد الخليل ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل فتحه. ويظهر من حال ابن العَلماء أنه استشعر، أو علم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيظهر، ويغلب على ما تحت يده هو من البلاد، فسأله أن يقطعه بعضها. والله أعلم. وأما إهداؤه البرد، فمكافأة، ومواصلة، واستئلاف ليدخل في دين الإسلام، وكأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يحضره في ذلك الوقت إلا ذلك البرد، والله أعلم.

و(قوله: إن خير دور الأنصار: دار بني النجار، ثم دار بني عبد الأشهل. . . الحديث إلى آخره) يدلُّ على جواز تفضيل بعض المعينين على بعض من غير الأنبياء، وإن سمع (١) ذلك المفضول، وقد تقدَّم القول في تفضيل الأنبياء.

والدُّور: جمع دار، وهو في الأصل: المحلة والمنزل، وعبر به هنا عن القبائل، وهذا نحو قوله: أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببناء المساجد في الدور (٢)، أي: في القبائل والمحلات. وفيه ما يدلّ على جواز المدح إذا قصد به الإخبار بالحق، ودعت إلى ذلك حاجة، وأمنت الفتنة على الممدوح. وفيه دليل على جواز المنافسة في الخير، والدين، والثواب، كما قال سعد: يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خيرت دور الأنصار فجعلتنا آخرًا. طلب أن يلحقهم بالطبقة الأولى. فأجابه بأن قال: أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار؟ وإنما يعني بذلك: أن تفضيلهم إنما هو


(١) في (ج ٢): بلغ.
(٢) رواه أحمد (٦/ ٢٧٩)، وأبو داود (٤٥٥)، والترمذي (٥٩٤)، وابن ماجه (٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>